151

أصر قائلا: «الأمر مختلف.»

قالت مرة أخرى: «ألن تأخذني إلى هناك؟»

أجاب تافرنيك: «لا أستطيع.» «حسن جدا، الوداع!»

رجاها قائلا: «لا تذهبي. ألا يمكنني رؤيتك في مكان ما بضع دقائق هذا المساء؟»

أجابت إليزابيث ببرود: «أخشى أنني لا أستطيع.»

ألح في السؤال قائلا: «هل ستخرجين؟»

أجابت: «أنا ذاهبة إلى مسرح دوق يورك مع بعض الأصدقاء. أنا آسفة. لقد خيبت أملي.»

أغلقت الهاتف، فغادر كابينة الهاتف إلى الشارع. بدا له، وهو يسير في الطريق المزدحم، أن بعض انعكاس ازدرائه لنفسه كان واضحا على وجوه الرجال والنساء الذين كانوا يسارعون أمامه. أينما نظر، كان يدرك ذلك تماما. شعر في قلبه بإحساس مرير بالخزي، إحساس رجل يستسلم عمدا للضعف. ومع ذلك، في تلك الليلة بذل ما في وسعه.

جلس في شقته المنعزلة مدة أربع ساعات وراح يعمل. ثم انتهى الصراع غير المتكافئ. والتقط قبعته ومعطفه وهو يزمجر وغادر المنزل. بعد نصف ساعة، كان بين الحشود الصغيرة من المتسكعين والمشاة الواقفين خارج أبواب مسرح دوق يورك.

كان لا يزال هناك بعض الوقت قبل انتهاء العرض المسرحي. وأثناء مرور الدقائق البطيئة، زاد كرهه لنفسه، وكرهه لهذا الشيء الجديد الذي اعترى حياته وهدم معاييره الاعتيادية، وأطاح به بهذه الطريقة الغريبة والبغيضة. لقد كان إحساسا كامنا، بلا شك، ذلك الذي أعادته إليزابيث إلى الحياة ... الإحساس بالجنس، الذي ظل خاملا داخله مدة طويلة، بسبب عقلانيته الجسدية المثالية في المقام الأول؛ وربما أيضا، إلى حد ما، بسبب خياله الفقير. ومع ذلك، كان من الواضح أنه بمجرد أن أثير هذا الإحساس، راح يشتعل بداخله دون توقف وبطريقة مدهشة. كان عالم النساء كله الآن مخلوقات مختلفة بالنسبة إليه، لكنهن لم يؤثرن عليه ولم يحركن مشاعره كما كان في أيامه الماضية قبل صحوة المشاعر. كانت إليزابيث هي التي يريدها فقط، ويتوق إليها بعنف، بكل هذا الشغف الذي ولد متأخرا من اختلاط العاطفة والرغبة. لقد شعر، بينما كان واقفا هناك على الرصيف، يزاحم الخدم في أزيائهم الرسمية، والمتسكعين، والمارة، بأنه يستحق الازدراء. لقد كان مثل كلب ضرب بالسوط، فعاد يتزلف ويستجدي سيده. ومع ذلك، تمنى لو كان بإمكانه إقناعها بالحضور معه، ولو كان ذلك مدة ساعة فقط! ليتها تجلس أمامه فقط في ذلك المطعم الصغير الرائع، حيث كانت الأضواء والموسيقى والضحك والنبيذ، كلها رموز خارجية لهذه الحياة الجديدة التي بدت وكأن أصابعها قد أزاحت عنها الستار لتظهرها! كان قلبه ينبض بنفاد صبر شديد. شاهد الحشد الضئيل من الأشخاص الذين غادروا قبل انتهاء المسرحية، معظمهم من سكان الضواحي، في عجلة من أمرهم ليلحقوا بقطاراتهم. وسرعان ما تبعهم الجمهور كله، كان حاجبو المسرح مشغولين بصفاراتهم، والخدم يتطلعون بشغف يمينا ويسارا بحثا عن أسيادهم. ثم ها قد أتت إليزابيث! خرجت وسط نصف دزينة من الأشخاص، متألقة في عباءة رائعة وفستان أزرق فيروزي، تضحك مع أصدقائها، لتبدو الأكثر سعادة وجاذبية بين أصحابها. تقدم تافرنيك سريعا إلى الأمام، ولكن في تلك اللحظة كان هناك زحام ولم يستطع التقدم. مرت على بعد ياردة منه، برفقة رجلين، وللحظة التقت أعينهما. رفعت حاجبيها، كما لو كانت متفاجئة، ولم تبد أي تقدير يذكر. واستمرت في السير ودلفت داخل سيارة كانت بانتظارها، برفقة الرجلين. ووقف تافرنيك وراقبها. لم تلتفت حتى لتنظر نحوه. تجاهلته تماما، باستثناء تلك البادرة الصغيرة من المفاجأة الباردة. فاستدار تافرنيك ببطء، وهو لا يكاد يعرف ما يفعله، نحو شارع ستراند.

Bog aan la aqoon