قال شيخ الإسلام: وقولُهم أصحُّ في الدليل من قولِ من يُوقِع الطلاق الذي لم يأذن فيه الله ورسوله، ويراهُ صحيحًا لازمًا.
والمقصودُ أن أحدًا لم يَقُلْ إن مُجَرَّد التكلُّم بالطلاق مُوجِبٌ لترتُّبِ أثرِه علي أيِّ وجهٍ كان.
الوجه التاسع عشر: أن هذا مقتضى نصِّ أحمد، كما تقدم تفسيرُه "الإغلاق" في رواية حنبل بالغضب. وقال عبد الله ابنه في "مسائله" (^١): سألت أبي عن المجنون إذا طلَّق في وقتِ زَولان عقله، أيجوز؟ قال أبي: كلُّ من كان صحيحَ العقل، فَزَال عقلهُ عن صحته، فطلَّقَ، فليس طلاقه بشيء.
فهذا عمومُ كلامه، وذاك خاصُّه، فقد جَعَل تغيُّرَ العقل عن صحته مانعًا من وقوع الطلاق، ولا ريب أن إغلاق الغضب يُغَيِّر العقل عن صِحَّته.
الوجه العشرون: أن الفقهاء اختلفوا في صحة حُكْمِ الحاكم في الغضب على ثلاثة أقوال، وهي ثلاثةُ أوجهٍ في مذهب أحمد (^٢):
أحدها: لا يصِحُّ ولا يَنْفُذ؛ لأن النهي يقتضي الفساد.
والثاني: يَنْفُذْ.
والثالث: إنْ عَرَض له الغضبُ بعدَ فَهْمِ الحكم نفَذَ حكمُه، وإنْ
_________
(^١) (٣/ ١٠٨٩).
(^٢) انظر: "الإنصاف" (١١/ ١٨٦، ٢١٠).
1 / 55