والعلة، والسببُ كالشرط، فكأنه قال: "إنْ كانت فعلَتْ ذلك فهي طالق"، فإذا لم تَفْعَلْهُ لم يُوجَدْ الشرط.
وقد ذكر المسألة بعينها أبو الوفاء بن عقيل، وذكر الشريف ابن أبي موسى في "إرشاده" (^١) فيما إذا قال: "أنت طالق أَنْ دخلت الدار" بفتح الهمزة، مِرارًا، وهو يَعْرِفُ العربية، ثم تبيَّن أنها لم تدخل، لم تَطْلُق.
ولا يقال: هو هاهنا قد صرَّح بالتعليل، بخلاف ما إذا لم يصرِّح به، فإن هذا لا تأثير له، فإنه قد أوقع الطلاق لعلةٍ، فإذا انتفت العلة تبيَّنَّا أنه لم يكن مريدًا لوقوعه بدونها، سواء صرَّح بالعلة أو لم يصرِّحْ بها، وغايةُ الأمر أن تكون العلة بمنزلة الشرط، وهو لو قال: "أنت طالق" وقال: "أردت إنْ فَعلَتْ كذا وكذا" دُيِّنَ فيما بينه وبين الله تعالى.
وقد ذكر أصحاب الشافعي وأحمد فيما إذا كاتب عبده على عِوَضٍ فأدَّاهُ إليه، فقال: "أنت حُرٌّ"، ثم تبيَّن أن العِوَض مُسْتَحَقٌّ؛ لم يعتق، مع تصريحه بالحرية، فالطلاقُ أولى بعدم الوقوع في هذه الصورة (^٢).
الصورة الثانية: أن يكون قد غضب عليها لأمرٍ قد عَلِم وقوعَه منها، فتكلَّم بكلمة الطلاق قاصدًا للطلاق، عالمًا بما يقول، عقوبةً لها على ذلك، فهذا يقع طلاقه، إذْ لو لم يقع هذا الطلاق لم يقع أكثر الطلاق، فإنه غالبًا لا يقع مع الرضا (^٣).
_________
(^١) (٢٩٩).
(^٢) انظر: "المغني" (١٤/ ٥١٣ - ٥١٤)، و"كشاف القناع" (٤/ ٥٤٥ - ٥٤٦).
(^٣) بهذا التفصيل والتحرير يُعْلَم سقوطُ ما قاله الفارسيُّ في "مجمع الغرائب" حيث =
1 / 45