وكذلك لم يمَلِّكْهُ جَمع الثلاث في مرة واحدة.
بل حجر عليه في هذا وهذا وهذا، وكان ذلك منْ حُجَّةِ مَنْ لم يُوقع الطلاق المُحرَّم، ولا الثلاث بكلمة واحدة (^١)، لأنه طلاقٌ محجورٌ على صاحبه شرعًا، وحَجْرُ الشارع يَمْنع نفوذ التصرُّف وصِحَّتَه، كما يَمْنَع نفوذ التصرُّف في العقود المالية.
فهذه حُجَّةٌ من أكثر من ثلاثين حجة ذكرها على كلام وقوع الطلاق المحجور على المطلِّقِ فيه.
والمقصود ها هنا أن هؤلاء فسَّروا الإغلاق بجَمع الثلاث؛ لكونه أغلق على نفسه باب الرحمة الذي لم يُغْلِقه اللهُ عليه إلا في المرة الثالثة.
وأما الآخرون فقالوا: الإغلاق مأخوذ من إغلاق الباب، وهو إرتاجُه وإطباقه، فالأمرُ المُغْلَقُ ضدَّ الأمر المُنْفَرِج، والذي أُغلِقَ عليه الأمر ضد الذي فُرِجَ له وفُتِحَ عليه، فالمكْرَهُ (^٢) الذي أُكْره على أمرٍ إن لم يفعله وإلا حَصَل له من الضرر ما أكره إليه (^٣) = قد أُغلِقَ عليه بابُ القصد والإرادةِ لِما أُكْرِه عليه، فالإغلاق في حقه بمعنى إغلاق أبوابِ
_________
(^١) يرى الواقف على كتاب "زاد المعاد" [(٥/ ٢٤١ - ٢٧١)]، و"إغاثة اللهفان" الكبرى [(١/ ٤٠٦ - ٤٩٦)]، و"إعلام الموقعين" [(٣/ ٣٠ - ٣٧، ٤٨ - ٤٩)] أدلة ذلك وحجَجَها سابغة الذيل، واسعة الأطراف، فمن أراد التوسع فعليه بمراجعتها، وكلها للإمام المؤلّف، مطبوعةٌ بحمده تعالى، متداولة. (القاسمي). وانظر: "التقريب لعلوم ابن القيّم" (٣٢٠).
(^٢) مبتدأ خبرُه "قد أغلق عليه" الخ. (القاسمي).
(^٣) كذا في الأصل. وفي المطبوعة: "عليه".
1 / 18