============================================================
فإن عجز عن أحتمال ما وصل إلى جسحه من اليرد ، ورجع إلى فراشه فالتحف ، وقال هذا اليوم برده أشد من البرد الواقع ببلاد الروم والترك ، لم تجز هذه المقالة ، وعد قائلها فى الضعف واللين والغرارة بمنزلة بنيات الخدور ، وربات الحجول . بل تخرجه عن حافه، ونريه الأطفال وكيف يمرون فى تلك المياه ويلعيون بها ، فيعلم إذا رأى ذلك أن الذى أطنب فيه من الشكاية لزمانه ليس لافراط شدة الزمان ، لكته لضعف صيره وقلة احتماله .
وسأذكر ، إن شاء الله تعالى ، من الغلوات الماضية ما يتضح به أنها كانت أشد وأصعب من هذه المحن التى تزلت بالناس فى هذا الزمان بأضعاف مضاعفة ، وإن كاتت هذه المحتة مشاهدة ، وتلك خبرا.
واعلم أن المسموع الماضى لا يكون أبدا موقعه من القلب موقع الموجود الحاضر فى شىء من الأشياء ، وإن كان الماضى كبيرا والحاضر صغيرا ، لأن القليل من المشاهدة أكثر من الكثير بالسماع . والله يؤتى الحكمة من يشاء ، ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا ، وما يذكر الا أولو الألياب، [والله يقول الحق وهو يهدى السبيل] .
Bogga 80