بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله المعبود بلا، ولالا،3 الذي سناء مجده فى صور أوليائه يتلألا،، بأنه الله بعد أن لاإله إلا5 المبدع ذي الجود،6 الغفور، الودود الذي علا أمره عن مقارنة الأصوات واللغات، ومباشرة الأدوات والحركات. ألا7 كلها مبدعة بأمره الذي لا تخلو عنه8 فطرة ولا تستغني دونه خلقة. أحمده بجميع محامده القدسية9 على جميع نعمائه10 الإنسية11 التى استغرقت12 الأنفس
Bogga 71
حملها13 ولم تبلغ بها كنهها. 14 وأستعينه على رعاية ما استودعنا من سره وعرفنا من بره، وأتوكل عليه توكل من برا15آ نفسه من الحول والقوة معترفا بأن الحول والقوة لله خالقه.
وأشهد أن [ لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، شهادة تنفى عنه كل أنية مؤيسة وأنية مشيأة، وتثبته بأنه مبدع الكل الذي لا تستكنف أجزاؤه عن عبادته والخضوع له بربوبيته والتذلل لعزته وجلاله. المتعزز بالكبرياء والجبروت، والمتفرد بالعظمة والملكوت، المتوحد9 بكلمة اللاهوت، العزيز فى سلطانه فلا يغالب، والمكنون بقدسه في رويات الخواطر فلا يطالب، الظاهر بقدرته فى جميع بريته فلا ينكر، والشاهد 22 بنافذ أمره فلا مستر ، المحتجب بتصمده عن أن يكون كمثله شىء، أو23 هو بلفظ واصف أي،
Bogga 72
لأنه بارىء لا مبروء. له24 من التنزيه أسناهه2 ومن التسبيح أعلاه ومن التقديس أهناه، وكل ذلك وراء ما تحصره هوية العقل وتستخرجه قواه. الغني بتام2 قدرته عن امتثال الصور والأشباح، ومبدع القلم [ لتخطيط الألواح. 28 سبحانه لم يزل ولا دهر ولا زمان ولا مادة ولا مكان، المتأزل بالأزل والبارئ بالأزلية والمبدع الأزلى، فلا9 يزال حافظ ملكه ومدبر سلطانه ومتقن حكمته ومجدد جوده في الآزمنة والدهور، وباعت رسله لإحياء من فى القبور.
و أشهد أن محمدا عبده المختار الزكي، وأمينه البر التقي، الدانى بقدسه إلى قاب قوسيه30 بل بأدناه،31 والمرتقى بنفسه إلى سدرة منتهاه32 ليغتش،33 صاحب الشهادة الخالصة، وممحق،23 الأديان الناكصة،35 والمنصور بالقر آن
Bogga 73
المبين والمقرون بصاحب يوم الدين، المبعوث إلى خير الأمم رحمة للعالمين، والمندوب إلى أشرف الملل ضياء [ا للمرسلين. لم يرعبه6 في إقامة أمر الله أوهام النفوس حتى يسر الله له وضع الناموس. المصدق لما بين يديه من التوراة والإنجيل، ومخرج الناس من [8] الجهالة والتضليل. صلى الله عليه أفضل صلاة تقصدها المعارف صلاة تعطيه37 بها المنازل السنية فى الأولى والدرجات الرفيعة في العقبى، حتى لا يوازيه فيها الملائكة المقربون والأنبياء المصطفون. وعلى3/1 من هو من شجرته،39 والخليفة40 من بعده فى أمته، سيد الأوصياء وخير الاتقياء، العلي باسمه، والعلى بعلمه، والعلى بحلمه، والعلى بسبقه،ا 4 والعلى بزهده، والعلى بنسبه، والعلى بسيفه، 4 والعلى بأولاده الغر البهاليل، والعلي بأشياعه العلماء النحارير، العلى بحب الله ورسوله له وحبه لله ولرسوله، اكما44 صلاة وأهناها، صلاة تملا أرضه وسماهه لتمهد له مجده وسناعه. وعلى الشهب الثواقب والزهر الكواكب لهداية عباد الله، أئمة الدور وخلفاء الدين الذين ورثوا العلم فلم يضيعوه، وأقاموا الأدلاء في البقاع لتكون [9] حجة الله
Bogga 74
بالغة ونعمة الله سابغة، أنعم5 صلاة وأزكاها، صلاة تحفظ ذكرهم بالخيرات والكرمات، وتذكر أيامهم بالتحيات والبركات. وعلى4 من اقتفى آثارهم ورعى أسرارهم الصلوات الزاكيات الناعمات. وسلم الله، على عباده المصطفين أبد الآبدين ودهر الداهرين، آمين، رب العالمين
أما بعد، فإن مذهب أهل الحق قد كثرت كتبه، وانتشرت دعوته في جميع الآفاق، ووقعت إلى المستحق وغير المستحق لعلل كثيرة لا يحتاج إلى ذكرها في هذا الكتاب لظهورها. وإن من الكتب المنسوبة إلى مذهبنا كتب كثيرة لم ينصف مؤلفها نفسه ولا أحس بما يعارضه خصمه. فألفها معراة من البراهين التى تحفظها من طعن الطاعنين وشغب9 المجادلين، فخلط الغث0 من الكلام بالسمين. والخصم مستعد لوجود مداخل الطعن وموارد الشغب، فمتى وجد للطعن مدخلا وللشغب52 [10] موردا بادر إليه، وأطنب القول فيه وترك السمين
Bogga 75
من الكلام واشتغل بالغة53 منه. فلا يزال يورد الشبه ويرى التناقض على54 أن الله تعالى ذكره قد صان الحق عن خوض الخائضين وطعن الطاعنين، وضمن أن يحفظ أهله عن زيغ الشياطين. فلا تكاد تجد طاعنا على الحق إلا وكان سببه قصوره عن معرفة الحق إلى أقصاه التى تورث الثبات والهداية. وأكثر من رأيتهم من الطاعنين والزاعمين أنهم ينقضون هذا المذهب فإنما5 هم قوم لم يعرفوا هذا المذهب ولا وقفوا على أبنية أصله. فكان51 أكثر ما نقضوا به نقضا عليهم وفسخا57 لمذهبهم من حيث لا يشعرون.
فأردت58 أن أجمع في هذا الكتاب أبنية أهل الحق في التوحيد، وفي الملائكة، وفى الأسامى59 وأغراضها، وفي الرسالة والوصاية والإمامة، وما في البعث والثواب والعقاب والقيامة،60 [11] وكيفية مأخذ التأويل في التنزيل والشريعة، وأفصح عن كل شيء منها وأكشف عن غوامضها وأرميه عند الخصوم. فإن تهيأ لهم الطعن على شيء منه11 فليفعلوه، وما أراهم يقدرون عليه. فإني قد
Bogga 76
هذبته وقومته مستعينا بالله، ومستمدا من بركة ولئ الله، ولا حول ولا قوة لنا في شيء منه إلا بالله62 العظيم، ثم ببركة ولى الله فى أرضه،63 ووسمته بالافتخار لأنا نفتخر 64 بإصابة الحق على من ضل عنه معتكفا على دين آبائه بغير هدى ولا كتاب مبين. ولما كان كل ذي قنية25 وكل ذي ملك يفتخر بقنيته و يباهي بذخيرته مع علمه بأنها مرهونة الفناء، مستعدة للاضمحلال، فخليق أن يفتخر أهل الحقائق بما حازوا منها وأشرفوا عليها. فإنها الذخيرة التى لا تبلى والقنية التي لا تفنى. وأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق? أم بأية فضيلة [12] تنافسها وبأي شىء تماكسها؟66
أحببت67 أن أضمن هذا الكتاب الموسوم بالافتخار ما به يفتخر أهل الحقائق على الناس كافة. فإن الأمم كثيرة ونحلهم مختلفة وآراءهم متباينة، كل حزب بما لديهم فرحون،68 وهم فى غمرة ساهون،69 وفى طغينهم
Bogga 77
يعمهون،70 وفى ريبهم يترددون. 71 قد رضوا بالتقليد دون التحقيق وبالخبر دون العيان. يبغضون التحقيق ويمقتون2 أهله ويتركون العيان ويصمون دونه، ومثلهم كما قال العزيز الحكيم جل ثناؤه: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاء كم ولو سمعوا ما استجابوا لكم،73 إما جهلا منهم كالحشوية، وإما عجبا كالمتكلمين، وإما كبرا كالفلاسفة الذين تكبروا واستكبروا، وتعمقوا [13] فيما لم يجدوا له أصلا ولا لما أصلوه فرعا، وما أفسدوه أكثر مما أصلحوه. ولو لا فضل الله على الناس ورحمته بإقامة الأدلاء المهتدين في كل عصر لاتبعوا الشيطان إلا قليلا.
ولقد شهدت جماعة من المعروفين المذكورين بالعلم والمعرفة قد أورثهم النظر في كتبهم الشقوة والضعة، فلم تزل،ل يحط بهم الدرجة بعد الدرجة حتى صاروا كالقردة وهم لا يشعرون. انتزع الله عن5ل قلوبهم حلاوة الإيمان. يا حسة على العباد! ماذا أنفسهم جنت؟76 وبأي ذنب قتلت،77 باستهزائهم بآيات الله واتخاذهم دين الله هزؤا ولعبا، وباستخفافهم بأولياء الله الذين هم
Bogga 78
مصابيح الدجى? فحق لنا أن نبكت78 لهم ونبكى79 عليهم، وأن نحذر عن سلوك ما سلكوه لنتخلص من الوقوع فيما وقعوا [14] فيه. نسأل الله المنان أن يتم علينا نعمته وأن يزيدنا بصيرة وتثبيتا880 على طاعته وطاعة وليه في أرضه، وأن يمدنا من نوره ما يكون به درك بغيتنا وبلوغ أمنيتنا، إن ذلك بيده. وهذا الكتاب ينقسم إلى سبعة عشر بابا : الباب الأول منها في معرفة التوحيد. الباب الثاني في معرفة أمر الله جل جلاله. الباب الثالث في معرفة الأصلين. الباب الرابع في معرفة الجد والفتح والخيال. الباب الخامس فى معرفة الحروف العلوية السبعة. 8
Bogga 79
الباب السادس في معرفة الرسالة. الباب السابع في معرفة الوصاية. الباب الثامن في معرفة الإمامة. الباب التاسع في معرفة القيامة. الباب العاشر فى معرفة البعث. الباب الحادي عشر فى معرفة الثواب والعقاب. الباب الثانى عشر في معرفة مأخذ التأويل من القرآن. [ها الباب الثالث عشر فى معرفة الوضوء والطهارة. الباب الرابع عشر في معرفة الصلاة. الباب الخامس عشر في معرفة الزكاة. الباب السادس عشر فى معرفة الصوم. الباب السابع عشر في معرفة الحج إلى البيت.
Bogga 80
الباب الأول
فى معرفة التوحيد
تعالوا أيها الأمم المختلفة لنريكم ما به افتخارنا ونظهر عوراتكم ونكشف عن عيوبكم، ولنبتدئ أولا بالتوحيد. فأقول: إنكم رميتمونا بالتعطيل وسميتم أنفسكم موحدة، وأنتم بما رميتمونا به أشد استحقاقا وله إلزاما، ونحن بما سميتم به أنفسكم أحق منكم. 3 وذلك أنكم تعلمون يقينا أنا مقرون بأن لهذا العالم مبدعا، قد أبدعه لا من شىء ولا من مادة، ولا بآلة ولا بمعين، ولا بمثال صورة معلومة عنده. قد نطقت [16] كتبنا به ، وانتشرت دعوتنا إليه. فلما
Bogga 81
جردناه عن الصفات والإضافات وقدسناه عن النعوت والسمات قدختمه فينا وسميتمونا معطلة . أليس التعطيل هو الإنكار الذي يؤدي قولكم فى معبود كم إليه ? لأنكم لما أضفتم مبدعكم وخالقكم إلى أي شيء مما يوسم به خلقه من لفظ قول أو عقد ضمير، ثم يكون الموسوم به من خلقه غير مبدع ولا خالق ولا بارىء ، جاز6 أن يكون مبدعكم وخالقكم وبارئكم من الوجه الذي عرفتموه مماثلا لخلقه الذي نفيتموه أن يكون مبدعا وخالقا وبارئا. صح أن يكون غير مبدع ولا خالق ولا بارىء. وما قدم الغير عليه كان عما يتلوه معطلا. فأي الفرقين أحق بالتعطيل، أهل الجقائق الذين أقروا به على الرسم الذي رسموه، أم أنتم وقد أنكرتموه بما أقررتم به? فإذا كان إقراركم [17] بتوحيد كم يؤدي إلى التعطيل وإقرارنا يؤدي إلى الإثبات المحض، فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق?
ثم إنا لما جردنا مبدعنا عن سمات بريته وصفات خليقته أضفنا الخلقة إلى أمره88 ووحدته، وقلنا : إن من أمره ووحدته تأييس الأيسيات،9 لا من أيس ولا من شيء. فلما10 هبطتم في معرفة خالقكم حصرتموه في جسم يحيط11 به
Bogga 82
كالحشوية، أو شىء يقوم به كالمتكلمين، أو جوهر يلحق به كالفلاسفة. ومتى1 يمكن توهم القدرة التامة التى هي اختراع العالمين بما فيهما، لا من شيء من جسم محدود، أو شيء موسوم ،2 أو جوهر منصوب؟ ولما تعذر، توهم مثل هذه القدرة من الجسم المحدود والشيء الموسوم والجوهر المنصوب، كان من ذلك نفى هذه القدرة عمن تلحقه هذه السمات. 1 ومن عدم مثل هذه القدرة لم يكن مبدعا ولا خالقا ولا بارئا. فإذا الموسوم بهذه القدرة[ 18] من لا تكتنفه الحدود ، ولا يعتوره التشىء،16 ولا يستبقه17 التجوهر فأي الفرقين أحق بالتعطيل، أهل الحقائق الذين جردوا مبدعهم عن هذه السمات لتبقى له هذه القدرة التامة، أم أنتم حيث لم يثبت مبدعكم بما وسمتموه مفارقا لهذه القدرة التامة ? فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق?
ولما طلبتم لمبدعكم الأينية التى تؤدي إلى المكان، قال أكثركم إنه في مكان،19 ونفى البعض منكم أنه في مكان دون مكان، بل هو بكل مكان. وقلنا
Bogga 83
إنه تعالى كبرياؤه لا في مكان، ولا لا في مكان،20 والذي هو في مكان ما، أو هو بكل مكان، الخلق لا الخالق، [19] إذا2 ما هو بكل مكان كلية22 الفطرة وجماعة الخلقة. فلما وقع ما هو23 وجوده بكل مكان على كلية الفطرة وجماعة الخلقة، وكلية الخلقة وجماعة الفطرة غير مبدعة ولا خالقة ، كانت المبدعية عنها معطلة. والذي هو بمكان دون مكان عنها أشد تعطيلا لتقابل الأمكنة إباه ، إذ خلت عن مبدعها وملأ ذلك المكان منه. وما تتقابله5ا الأمكنة الخالية ليس هو المبدع الخالق بل خلق من خلائقه قد انحصر فيه بضرب من الحكمة. فأي الفريقين أحق بالإنكار والتعطيل، أنتم حيث جعلتم مبدعكم فى مكان محصور، أو في جميع الأمكنة التي اشتغلت بالخلقة والفطرة، أم نحن حيث نفينا مبدعنا عن أن يكون متمكنا26 في مكان كالأجسام، أو منحصرا فى الأمكنة كالأرواح؟ فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق?
Bogga 84
ولا اختلاف بيننا وبين من خالفنا [.2] من جميع الأمم وفرقها أن الله 27 غير محسوس ولا مدرك،28 وليس أحد يدعى أنه قد عاينه. وقد وجب الإقرار به من جهة أفعاله المحكمة المتقنة. ثم لما أرادت النفس الحكومة عليه من جهة صفة، أو سمة، أو نعت، أو حد، أو شبه، كان للعقل أن يزجر النفس عما تحكم فيه وتنسب إليه بأن يؤنبها29 ويوبخها ويعرفها وجه الصواب في معرفة معبودها من هذا الطريق، بأن المبد ع لا يخلو من أن يكون شبه خلقه ومثله من جميع الوجوه، أو يشبه بعضه ولا يشبه البعض الآخر، أو لا يشبهه بوجه من الوجوه. فإن كان المبدع سبحانه شبه خلقه ومثله من جميع الوجوه، كان فى خلقه إذا كفاية في القيام مقامه إذ لا يعدوه . ولما قام خلقه مقامه لما فيه من الكفاية بما ماثله وشابهه كان [21] المبدع إذا فضلة لا يحتاج إليها. والفضلة التي لا يحتاج إليها معطلة . فإذا المبد ع من هذا الوجه معطل غير محتاج إليه.
وإن 0 كان المبد ع سبحانه يشبه خلقه من بعض الوجوه ولا يشبهه من بعض، كانت القوة التي بها يمكن تفصيل المبدع عن المبدع غير موجودة فيما أفاض
Bogga 85
العقل على النفس،31 ولا فيما ادخر عنده من نور الكلمة. وبق الظفر لمن جرد المبدع عن سمات المخلوقات والمبدعات من جميع الوجوه. فأي الفريقين أحق بالتعطيل، أنتم حيث شبهتم المبدع بجميع خلقه من جميع الوجوه ليقوم خلقه مقامه 32 بكفاية 33 إياه، فيصير معطلا، أم حيث شبهتم المبدع ببعض خلقه ونفيتم عنه التشبيه بالبعض الآخر، وليس فى العقل هذه القوة التى يمكن بها تفصيل المبد ع عن المبدع، أم نحن حيث نفينا المبدع عما يقال في خلقه من لفظ قول أو عقد ضمير? فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق؟[22]
ولما جئتم إلى العدد وأردتم أن تحصوا مبدعكم وتعدوه، قلتم إنه واحد بمعنى أنه ليس باثنين. 34 وهكذا كل شيء من الأشياء المعدودة هو واحد بمعنى أنه ليس باثنين. وكل ما هو واحد بمعنى أنه ليس باثنين إذا قارنه واحد آخر صار اثنين. وهكذا تقولون في مبدعكم إنه إذا كان معه ملك من الملائكة أنه ثانى اثنين،35 وإذا كان معه ملكان أنه ثالث ثلاثة، وإذا كان معه ثلاثة من الملائكة أنه رابع أربعة إلى أن تجعلوه واحد ألف. وقد كفر الله من قال إنه
Bogga 86
ثالث ثلاثة 360 ونحن اذا جعنا إلى العدد قدسنا مبدعنا عن سمات الأعداد 37 والمعدودات، ونزهناه عن مناسبة38 بالأعداد ومناسبة [23] الأعداد به، وقلنا إنه الواحد الأحد، والواحد الأحد39 ما لا يتكثر ولا يتزايد ولا يتناسب. والواحد المحض0 أمره1 4 الذي به أنشأ الورى وأبد ع الخلائق، والواحد المتكثر المتزايد أول منبجس، من، ، أمره، غير متعر عن اتحاد الأمر به. فأي الفريقين أحق بالتعطيل، أنتم حيث لم تعروا مبدعكم عن واحد يتكثر ويتزايد ويتناسب كيلا يستحق الموسوم بهذا لأن5، يكون مبدعا، بل الإبداع المحض لا يتوهم ظهوره منه بوجه من الوجوه، أم نحن حيث نزآهنا مبدعنا عن سمات الواحد المتكثر المتزايد الذي ظهور الإبداع الذي هو الواحد المحض منه، واجب
Bogga 87
حق، بل أنتم بالتعطيل أولى? فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق?
و يقال لمن رمونا بالتعطيل من جميع الفرق من أجل تقديسنا المبد ع وتجريده عن سمات بريته ونعوت خليقته7 الذي جردنا به المبد ع سبحانه وقدسناه، [24] ما أعظم شأنه، أ هو تنزيه أم ليس بتنزيه? فإن لم يكن ذلك تنزيها كان تنجيسا، فعرفونا نجاسة48 هذه التحاميد والتسابيح التى نسبح الله بها ونحمده، ولا سبيل لهم إلى معرفته وإيجاده. وإن كان ذلك تنزيها، فأي شيء تنزه به، الخالق أم المخلوق? فإن كان ذلك مما ننزه به الخالق، فقد برئنا من التعطيل ووقع فيه من لم يكن تنزيهه إياه على هذه9، السبيل. وإن كان ذلك مما ننزه به المخلوق، فأي مخلوق استحق إيقا ع هذا التنزيه عليه? ولا يجدونه البتة. ولو وجد مخلوق مستحق لهذا التنزيه، لوجد تنزيه أسنى وأشرف منه. وليس بموحود تنزيه أسنى وأشرف مما نزهنا به مبدعنا بهذه الألفاظ التى يتقابل فيها النفيان: نفي، ونفى نفي.0 فقد صح أن تنزيهنا مبدعنا بهذه الصفة [25] وبهذا الرسم إنما هو إثباته لا تعطيله. ومن لم ينزهه بهذه الصفة وبهذا الرسم51
Bogga 88
كان مبدعه عنه معطلا، وهو له52 معطل. فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على الطرائق?
نحن، عافاكم الله من بلية الجهل، نقول إن العالم بما فيه من بره وبحره وسهله وجبله، ومعادنه وأشجاره ونباته وحيوانه وإنسه وجنه، وسمائه وأرضه، ونجومه وبروجه وفلكه، وحملة عرشه وكرسيه، ولوحه وقلمه، فإن الله مبدعه وخالقه وفاطره ومنشئه53 ومؤيسه، لا من شىء، بل بجوده وعلمه وإرادته وقدرته أخرج ذلك وأيسه، وأجرى كل شيء منه بتدبير محكم وفعل متقن. وإنه تعالى كبرياؤه غير موصوف بصفة شيء مما براه وخلقه، ولا موسوم بسمة شيء تقع الألفاظ عليه وتعتقد الضمائر فيه. وله في قسمة الخلق5 بين مرئي وغير مرئى، وموصوف وغير موصوف، ومحدود وغير محدود ، حكمة بالغة وحجة قاطعة بأنه قد علا بسبحانية مجده وعلو سلطانه ونافذ أمره عن مماثلة 55 [26) بشيء مما برأه. ولوكان له بشىء من خلقه مماثلة ومشابهة من بسيطه وكثيفه وجسمه وروحه، كان الذي يماثله معه1 5 حيث ما كان57 حتى يصير غير
Bogga 89
مبدع ولا خالق58 إذ وجوده بوجود خلقه. وما وجوده بوجود خلقه غير مستحق لأن يكون مبدعا، بل دون مبدعه الذى أبدعه بأمره ووحدته. فأيي الفريقين أحق بالتعطيل، أنتم حيث شبهتم مبدعكم بخلقه كى يكون خلقه معه لتزول عنه الخالقية،59 أو يكون وجوده بوجود خلقه لتزول عنه الخالقية، وفي أي الحالتين تثبتونه يصير معطلا ، أم نحن حيث جردنا مبدعنا عن سمات خليقته ونعوت بريته ليكون خلقه مبدعا بأمره وهو مبدع إياه ? فأي افتخار أعظم من درك الحقائق والوقوف على [27] الطرائق?
نرجع إلى فن آخر من الافتخار على الأمم الذين ضلوا وأضلوا، فأقول إن جميع ما قصدت كل فرقة فى معبودها قد أتينا به من وجه أجمل وأحسن وأقرب إلى الحق. وما قدسنا به معبودنا فقد حرم عنه جميع الفرق لأن قصد الفرق فى معبودهم إنما هو الطاعة والخضوع.6 والناس في هذا الباب على أربع فرق: فرقة هم عباد الأوثان61 الذين نحتوا بأيديهم حجارة أو خشبا، وجعلوه صنما ذا يد ورجل وعين وأذن،62 فتقربوا إلى معبودهم بالخضوع له والسجود والخدمة؛ وفرقة هم المشبهة63 الذين قالوا بصورة معبودهم من الجسم والجوارح
Bogga 90