فصل مع أنا لانجدهم يحيلون على وجه فيما يذكرونه من إنفاق أبي بكر، إلا على ما ادعوه من ابتياعه بلال بن حمامة (1) من مواليه، وكانوا عزموا بعد الايمان ليردوه عنه إلى الكفر والطغيان. وهذا أيضا من دعاويهم الباطلة المتعرية من الحجج والبرهان، وهو راجع في أصله إلى عائشة، وقد تقدم من القول فيما ترويه وتضيفه إلى النبي صلى الله عليه وآله، ما يغني عن الزيادة فيه والتكرار. ولو ثبت على غاية أمانيهم في الضلال لما كان مصححا لروايتهم مدح أبي بكر عن النبي صلى الله عليه وآله، وإخباره بانتفاعه بنفقته عليه ومواساته بالمال، لان بلالا لم يكن ولدا للنبي صلى الله عليه وآله، ولا أخا ولا والدا، ولا قريبا ولا نسيبا، فيكون خلاصه من العذاب بمال أبي بكر نافعا للنبي صلى الله عليه وآله، ولا مختصا به دون سائر أهل الاسلام. ولو تعدى ما خص بلالا من الانتفاع بمال أبي بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله، لموضع إيمانه برسالته، وإقراره بنبوته ولكونه في جملة إصحابه، لتعدى ذلك إلى جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وجميع ملائكة الله تعالى وأنبيائه وعباده الصالحين، لان الايمان برسول الله صلى الله عليه وآله يتضمن الايمان بجميع النبيين والملائكة والمؤمنين والصديقين والشهداء هامش (1) هو بلال بن رباح، وحمامة امه، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله، توفي بدمشق في الطاعون سنة (18) وقيل غير ذلك، انظر ترجمته في رجال الكشي: 38 / 79، رجال الطوسى: 8 / 4، معجم رجال الحديث 3: 364، سير أعلام النبلاء 1: 347.
--- [ 217 ]
Bogga 216