228
العباس ﵁ إلا أن وجود الأفاضل كان مانعًا من ذلك إلى أن بلغ الكتاب أجله، وجرى لعثمان ﵁ ما جرى، واستطال من أمر بني أمية، فصار رجوع الأمر إليهم صلة رحم لآل علي ﵁، ولو كان قد رجع الأمر إلى بني العباس من آل علي كان يكون فيه نوع قطيعة (٨٦/ ب) للرحم. وقول علي ﵁: (لئن سألناها رسول الله ﷺ فمنعناها) دليل على فقهه، فإنه كان يرى من فقهه أن لا يسأل العمل فإنه من سأله وكل إليه، ومن لم يسأله أعين عليه، ألا ترى إلى قوله: (وإني والله لا أسألها رسول الله ﷺ)؟ فإنه لما رأى إمساك رسول الله ﷺ عن مثل هذا الأمر المهم علم أنه لم يكن إمساكه إلا بأمر محتوم، وأنه لو فجأة أحد بالسؤال عن ذلك لرده عنه، فكان يستمر علي وآله من رد رسول الله ﷺ وصمة لا تزول، ولذلك قال: (إن منعناها رسول الله ﷺ) * يعني في هذه الحال- (لا يعطيناها الناس أبدًا)، وكان من حكمة الله سبحانه أن رتبهم في الخلافة على حسب أعمارهم، فترك آخرهم في الخلافة أطولهم عمرًا ليكون كل منهم قد أخذ من ذلك بقسط يبين فيه معنى قول الله: ﴿محمد رسول الله والذين معه﴾، فإن كلا منهم قام في وقته بفرضٍ كفى فيه وأبلغ؛ فأبو بكر ﵁ قام في قتال أهل الردة المقام الذي شهد له أنه لم يكن على الحق فيه غيره، وعمر ﵁ قام في وقته من فتوح الأمصار، وبعث البعوث إلى أطراف الأرض حتى امتدت الكلمة وانتشرت الدعوة بها شهد له أنه كان فيه أوحد علمًا. وعثمان ﵁ قام في وقته من جمع القرآن ومنع الاختلاف وعمارة المسجد وغير ذلك مما كان فيه علمًا واحدًا. وعلي ﵁ قام في وقته لما ثار من الأمر ما يشكل إلا على الراسخين في

1 / 266