في الوسط، حيث يصل ارتفاعه إلى 2644 مترا، وتتميز الجزيرة أيضا بوجود ما يشبه الممرات الطبيعية بين الشرق والغرب عبر الهضبة، وأشهر هذه الممرات منخفض أندرونا في الشمال الذي يربط بين خليج أنتونجيل في الشرق وسهل ماجونجا في الغرب، وممر إيهوزي في الجنوب. (3) الأشكال العامة للتضاريس في أفريقيا شمال خط الاستواء
يختلف هذا القسم من أفريقيا عن أفريقيا جنوب خط الاستواء بأن الهضبة القديمة في الشمال قد قطعت تقطيعا شديدا بواسطة عوامل النحت والتعرية؛ بحيث لا نعثر عليها مترابطة متصلة كما هو الحال في القسم الجنوبي، كذلك فإن مساحات كبيرة من الهضبة الكبيرة القديمة قد غطتها مياه البحر في صور جيولوجية مختلفة أدت إلى تراكم طبقات كثيفة من الصخور الجيرية وغيرها، وتتضح هذه الظاهرة بوضوح في القسم الأوسط من النطاق الصحراوي العظيم، وسوف نعالج المظاهر التضاريسية العامة في هذا القسم في صورة إقليمية.
غرب أفريقيا
تمتد السهول الساحلية ضيقة في معظم أقسام غرب أفريقيا نتيجة اقتراب حافة الهضبة القديمة، ولكنها تتسع في منطقتين هما: سنجامابيا التي تشمل سهول السنغال والجامبيا، ومنطقة دلتا النيجر ومجراه الأدنى، وهذه السهول بلا شك قد نشأت نتيجة للإرسابات النهرية في منطقة دلتا النيجر، ونتيجة لتراجع البحر في سنجامبيا إلى جانب إرسابات السنغال، أما الهضبة فمتوسطة الارتفاع بل وقليلة الارتفاع في مناطق معينة، وتعلو الهضبة كتل هضبية تتفاوت في الارتفاع والحجم، وأكبر هذه الكتل وأهمها هضبة فوتاجالون - غينيا التي توجد في الجنوب الغربي من غرب أفريقيا. وتكون هذه الهضبة على قلة ارتفاعها خط تقسيم هام للمياه في غرب أفريقيا، فالأنهار التي تنحدر على منحدراتها الغربية سريعة الجريان، ومن أهمها: كافالي، وسانت بول، وكنكوريه، أما الأنهار التي تنبع من منحدراتها الشرقية والشمالية فطويلة المجرى، وتتكون من الجامبيا والسنغال والنيجر، ويقوم السنغال والنيجر برسم أقواس كبيرة قبل أن يصلا إلى المصب، والغالب أن هذه المسارات الطويلة المعقدة راجعة إلى تاريخ جيولوجي معقد، لعبت فيه عمليات تراجع البحر وتغيرات المناخ والمطر وعمليات الأسر النهري أدوارا هامة، حتى وصلت الأنهار إلى شكلها الحالي.
وإلى جانب فوتاجالون نجد هضبة جوس في شمالي نيجيريا تكون خط تقسيم مياه ثانوي بين حوض النيجر من ناحية، وتصريف بحيرة تشاد من ناحية ثانية، ولكن أكبر ارتفاع للهضبة الأفريقية في غرب أفريقيا يتمثل في سلسلة الهضبات التي تحده من الشرق، وتبدأ بتلال ماندارا جنوبي بحيرة تشاد، تليها جنوبا هضبة أدماوا، ثم هضبة بامندا، ثم كتلة جبل الكمرون البركاني التي تطل بسفوحها الجنوبية على خليج بيافرا. وبركان الكمرون - وإن كان وحيدا في هذا الجزء من أفريقيا - إلا أنه يمثل بداية خط من خطوط الظهور البركاني، تكملته تقع في صورة جزر خليج بيافرا المقابلة له «فرناندوبو - ساوتومي - برنسيب - أنوبون»، وينتهي هذا الخط بجزيرة سانت هيلانة في قلب المحيط الأطلنطي الجنوبي.
وفيما بين فوتاجالون في الغرب والكمرون في الشرق، ينكسر استواء سطح الهضبة بواسطة عوامل النحت والتعرية وتقل ارتفاعاتها، إلا في مناطق الصخور الصلبة التي تظهر في صورة حافات قليلة الارتفاع، ولكنها تسيطر تماما على المظهر الطبيعي البسيط. وأكبر تجمع لهذه الحافات يوجد حول نهر الفولتا، وهناك اتجاهان أساسيان لهذه الحافات: محور شمالي شرقي جنوبي غربي تمثله سلسلة أتاكورا في شمال داهومي، وسلسلة توجو في وسط توجو، وتنتهي فجأة عند الضفة الشرقية لنهر الفولتا، ثم تعاود ظهورها غرب النهر في حافة أكوابيم التي تحف بسهل أكرا من الشمال. أما الاتجاه الثاني للحافات فيرسم قوسا كبيرا يبدأ من عند نهاية أكوابيم الشمالية الشرقية قرب الفولتا، ويسير شمالا بغرب باسم حافة مامبونج، ثم يتحول الاتجاه إلى الشمال الغربي والشمال باسم حافة بانفورا، ثم يقترب من مجرى النيجر باسم حافة باندياجارا، ويكون مسار الحافة هنا قد انقلب إلى الشمال الشرقي، وأخيرا يتجه إلى الشرق في صورة جبال همبوري التي تحتل البؤرة النظرية لثنية النيجر.
السودان الأوسط والشرقي
في هذه المنطقة نجد أن الأحواض النهرية هي التي تسيطر على المظهر الفيزوجرافي، في حين تتراجع الهضبة الأفريقية إلى مجرد ارتفاعات محدودة الاتساع مختلفة الاتجاه، تكون خطوط تقسيم المياه بين الأحواض النهرية شاري والكنغو والنيل، وقد قطعت المنابع العديدة لهذه الأنهار الهضبة القديمة تقطيعا هائلا، وقللت من ارتفاعاتها إلى درجة كبيرة، بحيث أصبح في الإمكان أن تتم عمليات أسر نهري بين حوض وآخر.
وينبع نهر شاري من منطقة مرتفعات بونجو إلى الجنوب من دار رونجا، ويتجه في مجموعة إلى الشمال الغربي حيث ينتهي إلى بحيرة تشاد، وللنهر روافد عديدة تأتيه من الجنوب أهمها أوهام، ومن الشرق أهمها بحر السلامات، ومن الجنوب الغربي أهمها نهر اللوجوني، وهكذا يكون حوض شاري وتشاد منطقة مستوية عظيمة الاتساع يكملها في الشمال منخفض بودليه وجوارب الذي يقع جنوب جبال تبستي، ويصل بين تشاد وبودليه مجرى غير عميق يسمى بحر الغزال - ليست له صلة ببحر الغزال في النيل - ويمتلئ هذا المجرى بالماء في مواسم غير محددة، كما أن اتجاه الماء ينعكس حسب الظروف، فإذا هطلت السيول بشدة في منطقة سفوح تبستي الجنوبية، وفاضت إلى بوركو وبودليه، سارت المياه في بحر الغزال من الشمال إلى بحيرة تشاد، وإذا كان فيضان نهر شاري كبيرا بحيث يزيد عن طاقة بحيرة تشاد، خرجت مياه تشاد في بحر الغزال شمالا.
أما حوض السودان الجنوبي فعبارة عن مثلث كبير رأسه في الجنوب عند مدينة جوبا على النيل، وتتركز قاعدته في الشمال على جبال الداجو وجبال النوبا في جنوب دارفور وكردفان على التوالي، أما حده الغربي فتكونه الهضبة الحديدية التي تنتهي إلى خط تقسيم المياه بين النيل والكنغو ، على حين يرتكز حده الشرقي على الحافة الجنوبية الغربية للهضبة الحبشية، وفي هذا الحوض الكبير تنحدر المياه ببطء من مناطق الهضاب والتلال المحيطة إلى الوسط، حيث توجد أكبر منطقة للمستنقعات في أفريقيا: منطقة السدود. ويقال إن المنطقة كانت أصلا بحيرة عظيمة ضحلة انصرفت مياهها بعد اتصال النيل الأبيض والنوبي، ولكننا لا نستطيع أن نؤيد أو ننفي الفكرة. وتنصرف مياه الحوض بواسطة مخرج واحد هو النيل الأبيض الذي يصرف معه بالتالي مياه المنابع الاستوائية للنيل. والنيل الأبيض في حد ذاته مشكلة فيزيوجرافية؛ فانحداره قليل جدا، مما يجعل تصريفه يكاد يعتمد فقط على قوة دفع الماء من الجنوب إلى الشمال، وإلى الغرب من النيل الأبيض ترتفع الهضبة الأفريقية ببطء إلى خط كنتور 500 متر في كردفان ودارفور، وتعلو هذه الهضبة كتل جبلية صغيرة وكبيرة، والكتل الصغيرة تتكون في نطاقين: الشمالي هي تلال النوبا في شمال كردفان، ومن أهمها كاجا وكاتول وحرازة، أما النطاق الجنوبي فيكون دائرة كبيرة في جنوب شرق كردفان باسم جبال النوبا، وأشهرها هيبان وداير وتجابو، أما الكتلة الهضبية الكبيرة، فهي كتلة جبل مرة في وسط دارفور، التي يبلغ أقصى ارتفاع لها 3071 مترا.
Bog aan la aqoon