Ifada Fi Tarikh Aimma
الإفادة في تاريخ أئمة السادة
Noocyada
فحدثني أبي رحمه الله قال: قام يوما في مجلسه شاعر لينشده قصيدة كان مدحه بها، فلما ابتدأ بالإنشاد أشار رضي الله عنه بيده إلى أذنه أني لا أسمع ما تنشده فلا فائدة لك في إنشاده، فتضرع إليه الرجل في أن يأذن في الإنشاد وسأل في بابه من حضر، فأومى إليه أن ينشده، فلما مر الرجل في قصيدته، انتهى في بيت أنشده إلى كلمة لحن فيها، فلما أطلع الكلمة أومأ إليه وأشار بيده منبها على خطئه، فضحك الناس وقالوا: أيها الناصر ألم تظهر له أنك لا تسمع؟ فتبسم.
وكان إذا جلس في مجلسه يتصرف في مسائل الكلام والفقه ورواية الأخبار وإنشاد الأشعار للقدماء والمحدثين، والحكايات المفيدة.
وقد كان أبو عبد الله الوليدي القاضي يلزم مجلسه ويعلق جميع ما سمعه منه مما يتصل بجنس العلم والأدب، ويتعلق بضرب من الفائدة، وصنف فيه كتابا سماه (الفاظ الناصر) وهو كتاب معروف، من نظر فيه عرف من تفننه في وأنواع الفضل ما ذكرته.
وكان له مجلس للنظر، ومجلس لإملاء الحديث، وكان يركب إلى طرف البلد ويضرب بالصولجان للرياضة فإذا ركب اجتمع فقهاء البلد وأهل العلم كلهم إلى المصلى وجلسوا فيه، فإذا فرغ من ذلك عدل إليهم وجلس وأملى الحديث، وكان يحضر جنائز الأشراف وكبار الفقهاء بنفسه.
وحكى أبو عبد الله الوليدي أنه عليه السلام حضر معزى بعض الأشراف فلما سمع البكاء من داره، قال: من هذا الميت الذي يبكى عليه؟ مات حتف أنفه وعلى فراشه وبين أهله وعشيرته، وإنما الأسف على أولئك النفوس الطاهرة التي قتلت تحت أديم السماء، وفرق بين الأجساد والرؤس، وعلى الذين قتلوا في الحبوس وفي القيود والكبول، وخطب في هذا المعنى خطبة حسنة، ثم قال: آه آه في النفس حزازات لم يشفها قتلى بورود يعني الخرسانية الذين قتلوا في ذلك المكان حين هزمهم وقد مر خبرهم .
Bogga 119