Maamulka Islaamiga ah ee Cisiga Carabta

Kurd Cali d. 1372 AH
98

Maamulka Islaamiga ah ee Cisiga Carabta

الإدارة الإسلامية في عز العرب

Noocyada

وكان الرشيد إذا أحس من عامل له خيانة دبر له من صائب رأيه ولطف حيلته ما يدل على بعد نظره وحسن إدارته وجميل تدينه، وشدة غيرته على مصلحة ملكه، فيمسك أقصر الطرق إلى القضاء على الفتن الملحوظة والغوائل المستجنة، فيضرب على المسيء بسيفه وسنانه، كما يغمر المحسن بإنعامه وإحسانه. أراد مرة أن يعزل علي بن عيسى عن خراسان - وخراسان كثيرا ما كانت تشغل بال الرشيد كما شغلت بال أسلافه - فدعا هرثمة بن أعين مستخليا به فقال: إني لم أشاور فيك أحدا، ولم أطلعه على سري فيك، وقد اضطربت علي ثغور المشرق، وأنكر أهل خراسان أمر علي بن عيسى إذ خالف عهدي ونبذه وراء ظهره، وقد كتب يستمد ويستجيش، وأنا كاتب إليه أخبره أني أمده بك، وأوجه إليه معك من الأموال والسلاح والقوة والعدة ما يطمئن إليه قلبه، وتتطلع إليه نفسه، وأكتب معك كتابا بخطي فلا تفتضه، ولا تطلعن فيه حتى تصل إلى مدينة نيسابور، فإذا نزلتها فاعمل بما فيه وامتثله ولا تجاوزه إن شاء الله. وأنا موجه معك رجاء الخادم بكتاب أكتبه إلى علي بن عيسى بخطي؛ ليتعرف ما يكون منك ومنه، وهون عليه أمر علي فلا تظهرنه عليه، ولا تعلمنه ما عزمت عليه، وتأهب للمسير، وأظهر لخاصتك وعامتك أني أوجهك مددا لعلي بن عيسى وعونا له. ثم كتب إلى علي بن عيسى كتابا بخطه نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم. يا ابن الزانية، رفعت من قدرك، ونوهت باسمك، وأوطأت سادة العرب عقبك، وجعلت أبناء ملوك العجم حولك وأتباعك، فكان جزائي أن خالفت عهدي، ونبذت وراء ظهرك أمري، حتى عثت في الأرض، وظلمت الرعية، وأسخطت الله وخليفته، بسوء سيرتك، ورداءة طعمتك، وظاهر خيانتك، وقد وليت هرثمة بن أعين مولاي ثغر خراسان، وأمرته أن يشدد وطأته عليك، وعلى ولدك وكتابك وعمالك، ولا يترك وراء ظهوركم درهما ولا حقا لمسلم ولا معاهد إلا أخذكم به، حتى ترده إلى أهله. فإن أبيت ذلك وأباه ولدك وعمالك، فله أن يبسط عليكم العذاب، ويصب عليكم السياط، ويحل بكم ما يحل بمن نكث وغير، وبدل وخالف، وظلم وتعدى وغشم؛ انتقاما لله - عز وجل - بادئا، ولخليفته ثانيا، وللمسلمين والمعاهدين ثالثا، فلا تعرض نفسك للتي لا سوى لها، واخرج مما يلزمك طائعا أو مكرها.»

وكتب عهد هرثمة بخطه ونصه: «هذا ما عهد هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى هرثمة بن أعين حين ولاه ثغر خراسان وأعماله وخراجه، أمره بتقوى الله وطاعته، ورعاية أمر الله ومراقبته، وأن يجعل كتاب الله إماما في جميع ما هو بسبيله. فيحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقف عند متشابهه، ويسأل عنه أولي الفقه في دين الله، وأولى العلم بكتاب الله، أو يرده إلى إمامه ليريه الله - عز وجل - فيه رأيه، ويعزم له على رشده، وأمره أن يستوثق من الفاسق علي بن عيسى وولده وعماله وكتابه، وأن يشد عليهم وطأته، ويحل بهم سطوته، ويستخرج منهم كل مال يصح عليهم من خراج أمير المؤمنين وفيء المسلمين، فإذا استنظف ما عندهم وقبلهم من ذلك، نظر في حقوق المسلمين والمعاهدين وأخذهم بحق كل ذي حق حتى يردوه إليهم، فإن ثبت قبلهم حقوق لأمير المؤمنين وحقوق المسلمين فدافعوا بها وجحدوها أن يصب عليهم سوط عذاب الله وأليم نقمته، حتى يبلغ بهم الحال التي إن تخطاها بأدنى أدب تلفت أنفسهم وبطلت أرواحهم، فإذا خرجوا من حق كل ذي حق، أشخصهم كما تشخص العصاة من خشونة الوطأ وخشونة المطعم والمشرب وغلظ الملبس مع الثقات من أصحابه إلى باب أمير المؤمنين إن شاء الله. فاعمل يا أبا حاتم بما عهدت إليك؛ فإني آثرت الله وديني على هواي وإرادتي، فكذلك فليكن عملك وعليه فليكن أمرك. ودبر في عمال الكور الذين تمر بهم في صعودك ما لا يستوحش معه إلى أمر يريبهم وظن يرعبهم، وابسط من آمال أهل ذلك الثغر ومن أمانهم وعذرهم، ثم اعمل بما يرضي الله منك وخليفته ومن ولاك الله أمره إن شاء الله. هذا عهدي وكتابي بخطي وأنا أشهد الله وملائكته وحملة عرشه وسكان سماواته وكفى بالله شهيدا. وكتب أمير المؤمنين بخط يده لم يحضره إلا الله وملائكته.»

أمثلة تكشفت بها حقيقة إدارة الرشيد وبعد غوره في تراتيبه، ولقد رفع إليه أن رجلا بدمشق من بقايا بني أمية

46

عظيم الجاه واسع الدنيا كثير المال والأملاك مطاعا في البلد له جماعة وأولاد ومماليك وموال، يركبون الخيل، ويحملون السلاح، ويغزون الروم، وأنه سمح جواد كثير البذل والضيافة، وأنه لا يؤمن منه، فعظم ذلك عليه، فاستدعى منارة صاحب الخلفاء، وأمره بالخروج إلى دمشق، وضم إليه مائة غلام، وأجله لذهابه ستة وإيابه ستة ويوما لقعوده، وأمره أن يتفقد دار الرجل وجميع ما فيها وولده وأهله وحاشيته وغلمانه، وما يقولون وقدر النعمة والحال والمحل. فجاءه به في الميعاد المضروب وقص عليه ما سمعه ورآه. فعرف الرشيد أن الرجل محسود على النعمة مكذوب عليه، فأدناه واعتذر عن استدعائه، وقال له: سل ما تحتاج إليه من مصالح جاهك ومعاشك. فقال: عمال أمير المؤمنين منصفون وقد استغنيت بعدله عن مسألته من ماله، وأموري منتظمة وأحوالي مستقيمة، وكذلك أمور أهل البلد بالعدل الشامل في ظل دولة أمير المؤمنين. فأعاده إلى بلده على خير حال ولم يترك للوشاة سبيلا إليه.

ولقد توسع الرشيد في توسعة سلطة عماله ليستقيم أمر البلاد؛ فقد شخص الفضل بن يحيى إلى خراسان واليا عليها فبنى فيها المساجد والرباطات، واتخذ بخراسان جندا من العجم سماهم العباسية، وجعل ولاءهم لهم، وذكروا أن عدتهم بلغت خمسمائة ألف رجل، وأنه قدم منهم بغداد عشرون ألف رجل فسموا ببغداد الكرنبية، وخلف الباقي بخراسان على أسمائهم ودفاترهم. كتب والي إرمينية للرشيد إلى وزيره: «إن قوما صاروا إلى سبيل النصح، فذكروا ضياعا بإرمينية قد عفت ودرست، يرجع منها إلى السلطان مال عظيم، وإني وقفت عن المطالبة حتى أعرف رأيك.» فكتب إليه: «قرأت هذه الرقعة المذمومة وفهمتها، وسوق السعاية بحمد الله في أيامنا كاسدة، وألسنة السعاة في أيامنا كليلة خاسئة، فإذا قرأت كتابي هذا فاحمل الناس على قانونك، وخذهم بما في ديوانك، فإنا لم نولك الناحية لتتبع الرسوم العافية، ولا لإحياء الأعلام الداثرة، وجنبني وتجنب بيت جرير يخاطب الفرزدق:

وكنت إذا حللت بدار قوم

رحلت بخزية وتركت عارا

وأجر أمورك على ما يكسب الدعاء لنا لا علينا، واعلم أنها مدة تنتهي وأيام تنقضي، فإما ذكر جميل، وإما خزي طويل.»

ومما يعد في توسيع السلطة: أن قاضي الرشيد أبو يوسف كان أول من دعي في الإسلام قاضي القضاة، ولم يقع

Bog aan la aqoon