Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Noocyada
ثم تحرك إبراهيم بن أحمد من بني الأغلب في آخر القرن الثالث يريد طرابلس الغرب، فعارضته نفوسة ومن معهم في جموع كثيرة بموضع يقال له: مانو (¬1) ، وهو قصر من قصور الأولين على ساحل البحر، ومنعوه من الجواز إلى ما يريده، فاقتتلوا قتالا شديدا لم يروا مثله في ذلك الزمان، حتى صارت الرجال تنهدم بين الصفين كالحيطان، وترامى بعضهم في البحر وماتوا فيه، حتى غلبت حمرة الدم على الماء؛ وذكروا أنه مات في تلك الوقعة اثنا عشر ألفا من نفوسة ومن معهم، ومات فيهم من العلماء أربعمائة عالم، وأخذوا من ناحية "تيجي" ثمانين عالما، ثم قتلوهم صبرا، فكانت فلة وثلمة في الإسلام توجب الأسف العظيم.
وبلغنا أن الصفين لما افترقا ودخل الليل جاء رجل من عسكر ابن الأغلب ليأخذ أخا له قد مات في المعركة فدخل بين القتلى، ورفع أخاه على دابته، فنظر فرأى حيوانا على صورة كلب الصيد المعروف عندنا (بالسلوقي) يدور في القتلى وهو يقول: «كبروا يا أهل الجنة» فكبر قتلى نفوسة ومن معهم، ثم قال: «انبحوا يا كلاب النار» فنبح قتلى بني الأغلب، ونبح أخوه بين يديه على الدابة، فرمى به الأرض فذهب. ذكر الحكاية الشماخي وغيره.
ثم ابتلى الله إبراهيم بن أحمد بأن تغير عقله، وفسد طبعه ومزاجه، وساءت حالته، وشرع في قتل أصحابه وأولاده وبناته وكتابه وحجابه وقواده، وأسرف في ذلك، وفعل أفعالا قبيحة لا تصدر إلا من المجانين والعياذ بالله ليس هذا محل ذكرها.
¬__________
Bogga 97