Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Noocyada
والمراد بالمعقول هو كوجود الله تعالى الواجب الوجود، وككونه يجب له الصفات الكمالية كالعلم والقدرة والإرادة، والسمع والبصر والحياة، وباستحالة كونه متصفا بأضداد هذه الصفات، فهذا مما يدركه العقل السليم؛ والدليل على أن العقل هو طريق لمعرفة الله تعالى قوله عز من قائل: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} (¬1) . وقوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت} (¬2) ، في كثير من الآيات على هذا المعنى، فهذه السماء المرفوعة، وهذه الأرض الموضوعة، وهذه الجبال المنصوبة، وهذه الرياح الذارية، وهذه الفلك الجارية، وهذه النجوم السائرة، وهذه الأحوال الباهرة، دالة بطريق القطع على أن لها موجدا أوجدها وخالقا خلقها، ومحدثا أحدثها، إذ لو لم تكن موجودة لما شوهدت، ومحال وجودها من غير موجد، وحدوثها من غير محدث، إذ الفعل لا يكون إلا من فاعل. انتهى.
أقول: فإذا علمت الذي تلوناه عليك من أن العقل هو طريق لمعرفة الخالق ليس إلا، فاعلم بأن الموجب للواجبات كلها هو الشرع لا غير، خلافا للمعتزلة الزاعمين أن الموجب هو العقل، وإنما الشرع ورد مبينا لما خفي على العقل، أو مؤكدا له، وإلى ذلك أشار إليه سيدي نور الدين t بقوله:
فحاكم الشرع قضى بما ... جرى ... للعقل يا ذا فاتركن عند ... المرا
¬__________
(¬1) - ... سورة البقرة: 164.
(¬2) - ... سورة الغاشية: 17-19.
Bogga 284