237

Idah Tawhid

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

Noocyada

ثانيها: قوله تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} (¬1) ، قالوا فأخبر الله تعالى أن لا نستطيع العدل بينهن بلا خلاف فهو يوجب تكليف ما لا يطاق. وأجيب بأنا لم نكلف من ذلك مالا نطيقه، ألا ترى إلى قوله تعالى: {فلا تميلوا كل الميل فتذروا كالمعلقة} (¬2) ، فالاستطاعة المنفية عنا غير مكلفين بها، وإنما أمرنا بما نستطيع من ذلك، وهو قوله: {فلا تميلوا كل الميل}، فالمنفي غير المأمور به بل العدل المأمور به عين الاستطاعة، وهذه الآية كما أنها دليل عندهم على جواز التكليف بما لا يطاق فهي حجة معهم على وقوعه، كما ترى. والجواب ما تقدم، واحتجوا أيضا بقوله تعالى للملائكة: {أنبؤني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين} (¬3) ، قالوا: فقد كلفهم بالإخبار عما كانوا غير مستطيعين، وذلك يوجب تكليف ما لا يطاق؛ وأجيب بأن الأمر ها هنا ليس للوجوب وإنما هو للإعجاز، نظير قوله تعالى: {قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقا ما يكبر في صدوركم} (¬4) ، {قل فاتوا بسورة من مثله} (¬5) ، {قل فاتوا بعشر سور مثله مفتريات} (¬6) ، {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} (¬7) ، سلمنا أن الأمر للوجوب فقد علق سبحانه وتعالى بقوله: {إن كنتم صادقين}، فالأمر إنما هو متعلق بكونهم إن كانوا صادقين في ذلك وإذا لم يقع الشرط لم يقع المشروط، ألا ترى أنه إذا قال: قم إن كنت قادرا على القيام، فإنما يلزم ذلك بعد قدرته على ذلك، وذلك يسقط التعلق به رأسا؛ واحتجوا أيضا بقوله تعالى: {سواء عليكم أأنذرتم أم لم تنذرهم لا يؤمنون} (¬8) ،

¬__________

(¬1) - سورة النساء: 129.

(¬2) - سورة النساء: 129.

(¬3) - سورة البقرة: 31.

(¬4) - سورة الإسراء: 50.

(¬5) - سورة يونس: 38.

(¬6) - سورة هود: 13.

(¬7) - سورة البقرة: 111.

(¬8) - سورة البقرة: 6..

Bogga 239