Idah Tawhid
إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي
Noocyada
أقول: لقد وقفت في بعض التعاليق على حكاية مضمونها: إن غلاما مغربيا إباضيا كان مجدا في تحصيل العلوم، قصد إلى بلدة الأندلس لقصد التعليم، فنزل في جامعها وهو مملوء بالمتعلمين، وبين العلماء الذين هم في ذلك المسجد واحد ممتاز برجوع العلماء إليه، فالغلام قصد ذلك العالم وكان يتعلم منه، والعالم آنس منه الجد فقربه وأحبه غاية، وكان أولئك المتعلمون على مذهب الإمام مالك بن أنس وهم لا يكفتون (¬1) أياديهم في الصلاة، وبذلك لم يطلعوا على حقيقة مذهب الغلام، وكان كثيرا ما يسمعهم إذا ذكروا المذاهب يذكرون المذهب الخامس، فصدر من الغلام ذات يوم سؤال لحضرة العالم عن أصح مذاهب الإسلام، فسكت عن الجواب ذلك العلامة إلى أن جن الليل، وخرج المتعلمون من المسجد، وكان الباقي فيه إذ ذاك هو والغلام، ثم إنه أمر الغلام بالتجسس هل بقي في المسجد أو في خارجه أحد، فتجسس الغلام، ولم ير أحدا فأمره بتغليق الأبواب والدرايش ففعل الغلام، وعند ذلك قربه إليه وقال له: لقد سألتني والآن أجيبك، بأن أفضل المذاهب الإسلامية هي الفرقة الخامسة، ويعني بها فرقة الإباضية، وأن بوجود هذه الفرقة في الدنيا تدوم فيها الخيرات ويزاح عنها الهلاك، فقال له الغلام: ولماذا أنت لم تكن في هذه الفرقة؟ فقال له: إني لا أستطيع على زيادة توضيح فوق الذي وضحته لك.
قال صاحب التعليق إنه إن أوضح له زيادة على ذلك وهو أنه على هذا المذهب فيخشى انتشارها في الناس وينحط قدره عندهم، قال: ثم إن ذلك الغلام بعد سمعه هذا الجواب أجمع على ترحاله، ومفارقه شيخه، وافتقده الشيخ فأخبر بخروجه إلى وطنه، فعندئذ صاح الشيخ ثلاث صيحات بقوله: ولدي، وخر إلى الأرض ميتا» انتهى.
¬__________
(¬1) - ... كذا في الأصل، ولعل الصواب: «يكتفون».
Bogga 211