مجموعة مؤلفات الإمام يوسف بن عبد الهادي الحنبلي ﵀[٥]
«إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة»
تأليف
الإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الدمشقي الحنبلي
المولود سنة ٨٤١ هـ - والمتوفى سنة ٩٠٩ هـ
رحمه الله تعالى
بعناية
لجنة مختصة من المحققين
بإشراف
نور الدين طالب
دار النوادر
Bog aan la aqoon
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 2
«إيْضَاحُ طُرُقِ الإسْتِقَامَةِ فِي بَيَان أحْكَامِ الولايَةِ والإمَامَة»
1 / 3
جَمِيعُ الحُقُوقِ مَحْفُوظَة
الطَّبْعَةُ الأُولَى
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
ردمك: ٨ - ١٧ - ٤١٨ - ٩٩٣٣ - ٩٧٨ lSBN
دَار النَّوَادِر
سورية - لبنان - الكويت
مُؤسَّسَة دَار النَّوَادِر م. ف - سُورية * شَرِكَة دَار النَّوَادِر الُّلبْنَانِيَّة ش. م. م - لُبْنَان * شَرِكَة دَار النَّوادِرِ الكُوَيْتِيَةٍ ذ. م. م - الكُوَيْت
سورية - دمشق - ص. ب: ٣٤٣٠٦ - هاتف: ٢٢٢٧٠٠١ - فاكس: ٢٢٢٧٠١١ (٠٠٩٦٣١١)
لبنان - بيروت - ص. ب: ١٤/ ٥١٨٠ - هاتف: ٦٥٢٥٢٨ - فاكس: ٦٥٢٥٢٩ (٠٠٩٦١١)
الكويت - الصالحية - برج السحاب - ص. ب: ٤٣١٦ حولي - الرمز البريدي: ٣٢٠٤٦
هاتف: ٢٢٢٧٣٧٢٥ - فاكس: ٢٢٢٧٣٧٢٦ (٠٠٩٦٥)
www.daralnawader.com - [email protected]
أسَّسَهَا سَنَة: ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٦ م نُورُ الدِّيْن طَالِب المُدِير العَام وَالرَّئيس التَّنفيذي
1 / 4
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة التحقيق
إنَّ الحمدَ لله نحمدُهُ، ونستعينُهُ ونستغفرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا، وسيئاتِ أعمالنا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أمّا بعد:
فإنَّ الإمامةَ رياسةٌ تامةٌ، وزَعامة عامةٌ، تتعلَّق بالخاصَّة والعامة في مهمَّات الدِّين والدُّنيا، مُتَضَمَّنُها حِفْظُ الحَوْزَةِ، ورعاية الرَّعيَّة، وإقامة الدَّعوة، والانتصافُ للمظلومين مِنَ الظَّالمين، واستيفاءُ الحقوقِ من الممتنعين، وإيفاؤها على المستحقِّين (١).
وقد صنَّف الأئمةُ الثقات في أحكامها وشروطها وفروعِها الكثيرةِ مصنفاتٍ قيمةً كان في مُقَدَّمها كتابا القاضيينِ الكبيرينِ أبي الحسن الماوَرْدِي وأبي يعلى الفَرَّاء، المنعوتانِ بـ: "الأحكام السلطانية".
وقد انتهجَ نَهْجَهما، واقتفى أثرَهما الإمامُ يوسفُ بنُ عبدِ الهادي في
_________
(١) انظر: "غياث الأمم" للجويني (ص: ١٥).
1 / 5
كتابه القيِّم الموسومِ بـ: " إيضاح طُرُقِ الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة" (١)، فوضعَ فيه عشرةَ أبوابٍ ذكرَ فيها مسمياتِ الحكامِ والولاةِ، والشُّروطَ الواجبَ توفُّرها فيهم، وفَضْلَ الولايةِ وثوابَها، وما للحكَّامِ من الحقوقِ، وما عليهم، ثم خَتَم بذكرِ تواريخِ ووفيَّاتِ الوُلاةِ والحكَّام والسَّلاطين بَدْءًا من عهد النبي ﷺ حتى عصرِه.
* * *
هذا وقد تمَّ -بفضل الله تعالى- الوقوفُ على النسخةِ الخطيَّةِ الفريدة لهذا الكتاب، وهي النسخةُ المحفوظةُ بدار الكتب الظاهرية بدمشق تحت رقم (٣٣٠١)، وهي بخطِّ المؤلف المعروف بغرابة الشَّكْل، وصعوبةِ القراءةِ، وقلَّة الإعجام، وتقع في (١٦٧) ورقة، حَصَل فيها خرمٌ بين الباب الخامس والسادس بمقدار عشرين ورقة، وجاء على غلافها تملُّكٌ بخط العلامة ابن طُولون المتوفى سنة (٩٥٣ هـ)، وعليها وَقْفُه للكتاب على مدرسة شيخ الإسلام أبي عمر بالصَّالحية.
* * *
_________
(١) كذا وقع اسمه على غلاف النسخة الخطية بخط المؤلف نفسه، ثم سماه في خطبة كتابه بـ: "إيضاح طرق السلامة في بيان أحكام الولاية والإمامة" وقد آثرنا في اختيارنا لاسم الكتاب التسمية الأولى لمدلولها، وإن كانت التسمية الثانية حسنة أيضًا، فالمؤدى واحد، إذ الإستقامة في الدنيا مفضية إلى السلامة في الدَّارين.
1 / 6
* هذا وقد تمَّ تحقيق هذا الكتاب وفق الخطة الآتية:
١ - نسخُ الأصلِ المخطوط اعتمادًا على النسخة الخطية المشار إليها آنفًا، وذلك بحسب رسم وقواعد الإملاء الحديثة.
٢ - معارضةُ المنسوخِ بالمخطوط؛ للتأكُّد من صحة النص وسلامته.
٣ - مقابلةُ المنسوخِ بالمصادر المطبوعة التي نَقَل عنها المؤلفُ؛ كـ: "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى، و"الفروع" لابن مُفْلح، و"العِبر في خبر من غَبَر" للذَّهبي، وغيرها من الكتب.
٤ - عزو الآياتِ القرآنية الكريمةِ إلى المصحف الشريف بذكر اسم السُّورة ورقم الآيةِ، وجعل العزو بين معكوفتينِ في صُلْب النَّص، وإدراجها برسم المصحف الشريف.
٥ - تخريج الأحاديثِ النبوية الشريفة تخريجًا لائقًا بالنصِّ المحقَّق.
٦ - توثيقُ الآثارِ والأقوال من المصادر التي ينقل عنها المؤلف ﵀.
٧ - كتابةُ مقدمةٍ للكتاب مشتملةٍ على ترجمة مختصرةٍ للمؤلف، وتَقْدمةٍ موجزة للكتاب.
هذا وصلَّى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلَّم.
حَرَّرَهُ
نُورُ الدِّينْ طَالِبْ
١٧ / صفر / ١٤٣٢ هـ
٢٢/ ١ / ٢٠١١ م
1 / 7
ترجمة المؤلف (١)
* هو الإمام يوسف بن حسن بن أحمد بن حسن بن أحمد بن عبد الهادي المقدشي الأصل، الدمشقي المولد، الحنبلي المذهب، المعروف بـ: "ابن عبد الهادي"، والملقب بـ: "ابن المِبْرَد".
*ولد سنة (٨٤١ هـ) في أول يوم منها، وقد نشأ في بيئة علمية معروفة، فتفقه على أبيه وجده، وسمع عليهما الحديث.
وكان ملازمًا للعلماء والصالحين؛ فحفظ "المقنع" لابن قدامة
_________
(١) انظر ترجمته في:
* "السحب الوابلة" لابن حميد (٣/ ١١٦٦).
* "النعت الأكمل" للغزي (ص: ٦٨).
* "شذرات الذهب" لابن العماد (٨/ ٤٣).
* "مختصر طبقات الحنابلة" للشطي (ص: ٧٤).
* "فهرس الفهارس" للكتاني (٢/ ١١٤١).
* "مقدمة ثمار المقاصد" للدكتور أسعد طلس.
* "الإمام يوسف بن عبد الهادي الحنبلي وأثره في الفقه الإسلامي" للدكتور محمد عثمان شبير.
* "الإمام يوسف بن عبد الهادي وآثاره الفقهية" للدكتور صفوت عبد الهادي.
1 / 9
على عدد من العلماء، وقرأ على مشايخ كثر "صحيح البخاري"، و"مسند الحميدي"، و"الدارمي"، وغيرها.
* فمن مشايخه الذين قرأ وحفظ عليهم: الشيخ علاء الدين المرداوي صاحب "الإنصاف"، وتقي الدين ابن قندس صاحب الحاشية المشهورة على "الفروع"، وزين الدين أبو الفرج ابن الحبال، وغيرهم.
* وقد تخرج على يديه جماعات من التلامذة؛ الذي صاروا فيما بعد أعلامًا كبارًا؛ كـ: ابن طولون، وعبد القادر النعيمي، وغيرهما.
* أثنى عليه جماعة من أهل العلم، ووصفوه بالإمامة والحفظ والإتقان:
قال فيه تلميذه ابن طولون: "هو الشيخ الإمام، علم الأعلام، المحدث الرحالة، العلامة الفهامة، العالم العامل، المتقن الفاضل".
وقال فيه ابن العماد: "كان إمامًا علامة، يغلب عليه علم الحديث والفقه، ويشارك في النحو والتصريف والتفسير، وله مؤلفات كثيرة".
وقال الشطي: "أجمعت الأمة على تقدمه وإمامته، وأطبقت الأئمة على فضله وجلالته".
* ترك الإمام ابن عبد الهادي كتبًا كثيرة بلغت أسماؤها مجلدًا، كما قال ابن طولون، ومن أهم تلك الكتب:
١ - "جمع الجوامع في الفقه على مذهب الإمام أحمد" في ثلاثة وسبعين مجلدًا، غالبه مفقود.
1 / 10
٢ - "الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي".
٣ - "مغني ذوي الأفهام" في الفقه.
٤ - "هداية الإنسان إلى الإستغناء بالقرآن".
٥ - "إرشاد السالك إلى مناقب مالك".
٦ - "الدر النفيس في أصحاب محمد بن إدريس".
٧ - "محض الصواب في فضائل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب".
٨ - "زبد العلوم وصاحب المنطوق والمفهوم".
٩ - "زينة العرائس من الطرف والنفائس".
* توفي ﵀ بصالحية دمشق، سادس عشر المحرم، من سنة تسع وتسع مئة، وصلي عليه بجامع الحنابلة، ودفن بسفح جبل قاسيون ﵀، ورضي عنه.
1 / 11
صُوَر المَخْطُوْطَاتْ
1 / 13
صورة غلاف النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 14
صورة اللوحة الأولى من النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 15
صورة اللوحة الأخيرة من النسخة الخطية للمكتبة الظاهرية
1 / 16
«إيضاح طرق الإستقامة في بيان أحكام الولاية والإمامة»
تأليف
الإمام يوسف بن حسن بن عبد الهادي المقدسي الدمشقي الحنبلي
المولود سنة ٨٤١ هـ - والمتوفى سنة ٩٠٩ هـ
رحمه الله تعالى
بعناية
لجنة مختصة من المحققين
بإشراف
نور الدين طالب
1 / 17
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَهُوَ حَسْبي
الحمد لله الذي رفع قَدْرَ من شاء من عباده السعداء، وأبعدَ من أراد، فجعله من الأشقياء البُعَداء، أَحْمَدُه ولهُ الحمدُ كلُّه في الإنتهاءِ والابتداء، وأشكرُه، وله الشكرُ كلُّه على طول المَدَى، وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، شهادةَ عبدٍ حَقَّقَ التوحيدَ واهتدى، وأشهدُ أن محمّدًا عبدُه ورسولُه إمامُ الهدى، ومُزيلُ الردى، صلى الله عليه وعلى آلِهِ وأصحابِه، كلَّما ذهبَ أمرٌ وعدى، وسلَّمَ تسليمًا.
أمّا بعد:
فإن الله ﷿ وله الحمدُ - فَضَّلَ الآدميَّ على سائر المخلوقات، وجعلَه القَصْدَ، وغيره من المخلوقاتِ غالبه لأجله؛ كما في بعض الآثار: ابْنَ آدَمَ! خَلَقْتُكَ مِنْ أَجْلِي، وَخَلَقْتُ المَخْلُوقَاتِ كُلَّهَا مِنْ أَجْلِكَ، فَلاَ تَشْغَلْ نَفْسَكَ بِما خَلَقْتُهُ مِنْ أَجْلِكَ (١).
_________
(١) ذكره المناوي في "فيض القدير" (٥/ ٣٦٦)، وقال: في بعض الكتب المنزلة. =
1 / 19
وركَّب فيه لذلك العَقْلَ؛ ليعرفَ به فضيلَتَه على غيره، فكلما زادَ عقلُهُ، زادَ به فضلُه، وكلَّما نقصَ، نقصَتْ فضيلَتُه بنقصِه، وشابَهَ غيرَهُ من البهائِم.
وتُعرف فضيلَتُه وتمامُ عقلِه فيما أقامَهُ ربُّهُ فيه من طاعته، وما مَنَحَه من علمِه، وما أَعطاه مما يرفَعُ به قدرَهُ، فجعلَ الله ﷿ أرفعَ الخلقِ وأعلاهم، وأَتَمَّهُمْ عقلًا وفَضلًا ونُبلًا في الدارينِ: الأنبياءَ، وجعلهم أصحَّ الناس مزاجًا، وأعظمَهم أخلاقًا، كما قال ﷿ لنبيه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: ٤].
ثمَّ جعل أفضلَ الخلق وأعلاهم في الدارين: العلماءَ الذين هم وَرَثَةُ الأنبياء، وجعل فيهم صفةً من صفاته؛ فإن العلمَ من صفاتِ الله، فمن منحَه الله شيئًا، فقد منَّ عليه بنعمة عظيمة، وعلى قَدْرِ ما يمنحه من ذلك، يكون فيه من الفضيلة.
ومما منح الله به ﷿ بعضَ عباده: الملكُ والولايةُ على عباده؟ فإنه فضيلة عظيمة لمن عرف قَدْرَها، وأعطاها حقَّها، وتواضعَ مع عباده، ولم يُرِدْ بها عُلُوًّا في الأرض ولا فساداَّ؛ كما قال ﷿: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [القصص: ٨٣].
وقد أحببت أن أضمع كتابًا يحتوي على الخلافة والإمامة والولايات، وما فيها من خير وشر، وكيف انعقادُها وشروطُها، واللهَ أسألُ أن ينفعني
_________
= والله أعلم.
1 / 20
به وجميعَ المسلمين، إنه سميع قريب، وسميته:
"كتاب إيضاح طرق السلامة في بيان أحكام الولاية والإمامة"
وجعلته عشرة أبواب:
الباب الأول: في مُسَمَّيات الحكام والولاة، وما يتعلق بذلك.
الباب الثاني: في شروط الولاة والحكام، ومن يصلح للولاية.
الباب الثالث: في فضل الولاية وثوابها لمن عدل وبَرَّ.
الباب الرابع: في الخوف منها، وإثمْ الجَوْر والظلم.
الباب الخامس: فيما يلزم كلَّ واحد منهم فعلُه، وما لا يلزمه، وما يتعلق به.
الباب السادس: فيما لكلِّ واحدٍ من الحق والطاعة، ومن يُطاع، ومن لا تجب طاعتُه.
الباب السابع: في أئمة جورٍ أخبر عنهم النبيُّ ﷺ، وما ذُكر من ظهور الجور.
الباب الثامن: في حكم أموال المسلمين، وبلادهم، وما يجوز لكلٍّ من الحكام أكلُه وأخذُه من ذلك، وما لا يجوز.
الباب التاسع: فيمن تمنى ذلك، ومن كرهَهُ وفرَّ منه.
الباب العاشر: في ولاةٍ وملوكٍ، وتواريخهم وولاياتهم.
1 / 21
الباب الأوّل
في مسميات الحكام والولاة وما يتعلق بذلك
أول مُسَمَّيات كبير الحكام: الملك: وهو أول الأسماء في الجاهلية والإسلام، وهو بفتح الميم وكسر اللام، وبفتح اللام مِنَ الملائكة، وهو من المُلْك -بضم الميم وسكون اللام-، قال الله ﷿: ﴿تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٢٦]، وقال الله ﷿: ﴿وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾ [ص: ١٣٥]، وقال: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ [الملك: ١].
وجمعُه ملوك، قال الله ﷿: ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً﴾ [النمل: ١٣٤].
وفي الحديث كثير من ذلك، وهو أصل الباب.
واختلف في اشتقاقه، فقيل: من الولاية والغَلَبَة، وقيل: من المِلْك -بكسر الميم وسكون اللام-، وهو مِنْ مَلَك الشيءَ يَمْلِكُه مُلْكًا: إذا استولى عليه، وكان في ملكه.
1 / 23
فصل
وأما السلطان، قال الله ﷿: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ﴾ [النحل: ٩٩]. وقال الجوهريُّ: السلطان: الوليّ (١).
وقال صاحب "المستوعب" من أئمة أصحابنا: السلطانُ هو الإمامُ (٢).
وفي الحديث: "السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ" (٣).
وهو مأخوذٌ من السَّلْطَنَة، وهو الملك، وقيل: من القَهْر والغَلَبَة، ومنه قوله ﷿: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٩٩) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ﴾ [النحل: ٩٩ - ١٠٠].
فصل
وأما الإمام: فهو في الأصل: كل منِ ائْتُمَّ به، أي: اقْتُدِيَ به، ولهذا يُطلق على إمام الصلاة، وإمام الأحكام، مثل: الإمام أبي حنيفة، ومالك، والشافعي، والإمام أحمد، وغيرِهم من الأئمة، ثم نُقل إلى إمام الأحكام والمظالم.
_________
(١) انظر: "الصحاح" (ص: ١١٣٣)، وفيه: "السلطان: الوالي".
(٢) وانظر: "المطلع شرح المقنع" (ص: ٧١).
(٣) رواه أبو داود (٢٠٨٣)، كتاب: النكاح، باب: في الولي، والترمذي (١١٠٢)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي وقال: حديث حسن، وابن ماجه (١٨٧٩)، كتاب: النكاح، باب: لا نكاح إلا بولي، عن عائشة ﵂.
1 / 24