Idaah Fi Sharaxa Misbaax
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Noocyada
ووجه اتصالها بباب الوعد والوعيد أنها إحدى شبه المرجئة في عدم خلود الفساق في النار للأثر الذي يروونه كما يأتي، وهي في أصل اللغة مأخوذة من الشفع وهو نقيض الوتر، والشفع الزوج، والوتر الفرد، ولذلك يقال شاه شافع إذا كان معها ولدها، وسمي الشفيع شفيعا لانضمامه إلى المشفوع له ومنه سميت الشفعة شفعة لما كان غرض الشافع بها ضم المال المشفوع إلى ماله الأصلي. وحقيقتها في الاصطلاح: السؤال لجلب نفع الغير أو دفع الضرر عنه على وجه يكون غرض السائل حصول ما سأل لأجل سؤاله، فقولنا السؤال ليخرج بذلك ما ليس بسؤال، وقولنا لجلب نفع إلى الغير أو دفع ضرر عنه لنحترز بذلك عن السؤال لجلب الضرر أو فوت النفع وقولنا إلى الغير لنحترز بذلك عن سؤال ذلك للنفس فإنه لا يكون شفاعة (وللفاعل وجه ما يكون شفاعة وللفاعل) وقلنا على وجه يكون غرض السائل حصول ما سأل لأجل سؤاله لنحترز به عما إذا لم نقصد بذلك بل قصدنا نفع أنفسنا ولهذا فأنا نسأل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم الوسيلة والدرجة الرفيعة ولا نكون شافعين له لأنا لم نقصد بسؤالنا ذلك حصوله له لأن الله تعالى قد أخبرنا أنه يفعل ذلك من غير سؤالنا، وإنما قصدنا بسؤالنا تحصيل الثواب لأنفسنا مع أنا متعبدون بذلك، واعلم أنه لا خلاف بين أهل العدل قاطبة بل أهل الإسلام أن شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم القيامة ثابتة مقبولة لا يخالف في ذلك إلا المطرفية فإنهم منعوا من شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: لأنه إن شفع في أمر واجب فالله يفعله وإن لم يشفع، وإن شفع في أمر لا يجب لبعض المكلفين فهذه محاباة والله منزه عنها. وقولهم باطل لما ذكرنا من إجماع الأمة قبل حدوث مذهبهم الباطل فالإجماع حجة وقوله تعالى{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا}(الإسراء:79) وعسى في اللغة تفيد الترجي وفي كتاب الله تعالى تكون للقطع. ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم?من كذب بالشفاعة لم ينلها) ولكن اختلفوا لمن تكون شفاعته من أمته. فقال جمهور العدلية: إن شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا تكون لمن يستحق النار من الكفار والفساق أصلا وإنما تكون للمؤمنين أهل الثواب فقط، واختلف أهل هذا القول في ثمرتها للمؤمنين، فالذي عليه أكثرهم أنها تكون لزيادة نعيما إلى نعيمهم وسرورا إلى سرورهم وهو الذي عنى بقوله حتى يزيدهم الله بها شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم تشريفا ورفعة في الدرج بالتفضلات. وقال أبو الهذيل بل ثمرتها إعادة ما أحبطته المعصية من الثواب، القول الثالث أشار إليه بقوله أو تكون لمن تستوي حسناته وسيئاته على القول بصحة الاستواء فيشفع له النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليدخل الجنة تفضلا. والخلاف في ذلك مع المرجئة فإنهم يقولون إن شفاعته تكون لفساق هذه الأمة الذين استحقوا العقاب، فمنهم من يقطع بها، ومنهم من لا يجوزها، قالوا: إذ الشفاعة موضوعة لدفع الضرر وأهل الجنة مستغنون. والدليل على أن شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم لا تكون لأحد من الظالمين أي الفاسقين إذ لا خلاف بين المسلمين أن الفاسق ظالم وقد قال تعالى{ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}(الطلاق:01) والفاسق من جملة من تعدى حدود الله.
Bogga 246