Idaah Fi Sharaxa Misbaax
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
Noocyada
وقالت البصرية: بل الكبيرة ما وجب فيها حدا ونص على كبره وغير ذلك محتمل وورود الوعيد لا يدل على الكبر عندهم لدخول الصغير في عموم قوله تعالى{ومن يعص الله ورسوله...الآية}(النساء:14) وخالفهم أبو القاسم وقال: إن الوعيد لا يشمل الصغيرة. قال المهدي عليه السلام: مبينا لكلام البصرية تعيين الكبيرة بأن يصفها الله تعالى بالفحش نحو قوله تعالى في الزنا{إنه كان فاحشة...الآية}(النساء:22) أو العظم نحو قوله تعالى في القذف{وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم}(النور:15) أو الكبر نحو قوله تعالى في قتل الأولاد{إنه كان خطأ كبيرا}(الإسراء:31) أو الإحباط كما استدللنا على كبر الشرك لو وقع من الأنبياء (عليهم السلام) لقوله تعالى{لئن أشركت ليحبطن عملك}(الزمر:65) أو نحو ذلك كوصف صاحب الذنب بأن عليه غضب الله أو لعنته بالنص الصريح نحو قوله تعالى في الفرار من الزحف{ومن يولهم يومئذ دبره} إلى قوله{فقد باء بغضب من الله}(الأنفال:16) ونحوه قوله تعالى في قاتل المؤمن{وغضب الله عليه ولعنه...الآية}(النساء:93)، وكذلك كل من أمر الله بإقامة الحد عليه كالسرقة وقطع الطريق وشرب الخمر ونحو ذلك. وقد اختلف الناس في كمية ما يتعين من الكبائر، فروي عن عبد الله بن عمر أنها تسع الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وقذف المحصنة والزنا والفرار من الزحف والسحر وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين والإلحاد في الحرم، وزاد أبو هريرة أكل الربا، وزاد علي عليه السلام السرقة وشرب الخمر، وزاد الجمهور الخروج على الإمام وبعضهم البغي على المحق مطلقا، وزاد بعضهم النميمة لقوله تعالى{إن جاءكم فاسق بنبأ...الآية}(الحجرات:06) وغير ذلك من الاختلافات، وإذا علم ذلك فاعلم: أن أصحاب الكبائر من هذه الأمة كشارب الخمر والزنا ومن جرى مجراهما يسمون فساقا وفجارا إجماعا، والفسق في اللغة الخروج على جهة الإضرار، ومنه قيل للفارة فويسقه لخروجها من جحرها لطلب المضرة، وفي الاصطلاح عبارة عن معاصي مخصوصة مستحق لأجلها أحكام مخصوصة وعقاب عظيم دون العقاب الأعظم، وحقيقة الفاسق من استحق عقابا عظيما دون العقاب الأعظم مع أحكام دنيوية مخصوصة، ولا يسمون مؤمنين عندنا خلافا للمرجئة بناء منهم على أن الإيمان هو المعرفة والإقرار أو أحدهما والأعمال خارجة عنه فالفاسق مؤمن بإيمانه فاسق بفسقه، ولا يسمون منافقين خلافا للحسن البصري وفي ذلك وقعت المناظرة بينه وبين واصل بن عطاء واحتج الحسن بوجهين: أحدهما: أن الفاسق لو كان يقطع بصدق الوعد والوعيد والجنة والنار لما ارتكب الكبيرة الموجبة المهلكة والموقعة في العذاب الدائم. وثانيهما: قوله تعالى{إن المنافقين هم الفاسقون}(التوبة:67). ولا يسمون كفارا خلافا للخوارج فإنهم يقولون إنه فاسق كافر ثم افترقوا، فمنهم من قال هو كافر لفظا دون الحكم فلا يكون حكمه حكم الكافر، ومنهم من قال أصحاب الكبائر كفار لفظا ومعنى ويجرون على من هذا حاله أحكام الكفر التي نذكرها بعد، ثم اختلف هذا الفريق فبعضهم وهم الأباضية جوزوا أن يقال فيه إنه مشرك والذي عليه أكثرهم المنع، واشتهر للناصر عليه السلام القول بأنه يسمى كافر نعمة، قال لأن فعل الطاعات واجتناب المعاصي كالشكر على نعم الباري تعالى، فإذا ارتكب العبد شيئا من هذه المعاصي كان كمن لم يشكر نعمة الله ، وحكى في الأساس مثل هذا عن ابن عباس والصادق والقاسم والهادي وأحمد بن سليمان عليهم السلام قال فيه وروى أنه إجماع قدماء العترة والشيعة.
Bogga 238