199

المسألة الرابعة والعشرون ((في المنزلة بين المنزلتين))

وتسمى أيضا مسألة الأسماء والأحكام، وحقيقة المنزلة بين المنزلتين لغة: كون الشيء بين شيئين ينحدر إلى كل واحد منهما بشبه، واصطلاحا: كون صاحب الكبيرة ممن ليس بكافر له (أسماء وأحكام) بين أحكام المؤمن والكافر وأسمائهما، والمراد بالمنزلة بين المنزلتين هو الفاسق وفسقه بسبب عصيانه بما هو كبير غير مخرج من الملة لا إن أتى صغيرا فمؤمن أو كبيرا مخرجا من الملة فكافر وحينئذ يتوجه الكلام إلى قسمة المعاصي إلى كبائر وصغائر.

فنقول: قد نطق القرآن بذلك قال الله تعالى{لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها}(الكهف:49) وقال تعالى{وكل صغير وكبير مستطر}(القمر:53) وقال {كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم} وما ارتكبه الأنبياء عليهم السلام فنقطع بصغره لوقوعه منهم على جهة التأويل وهو إما لتفريطهم في التحرز لظنهم أنهم لا يقعون فيها، ومن ذلك خطيئة آدم عليه السلام أو لظنهم أنها غير معصية، ومن ذلك خطيئة يونس وداود عليهما السلام ولا يجوز منهم ذلك فيما يتعلق بالأداء البتة كالكذب والكتمان، إذ لو جوزنا ذلك في حقهم لم نأمن أن يكون بعض ما جاؤا به ليس عن الله أو أنهم كتموا شيئا أمرهم الله بتبليغه إلينا وذلك خلاف الحكمة وقدح في الحكيم حيث أظهر المعجز على من ذاك حاله ولا يجوز وقوع المعصية منهم عمدا عند الهادي والناصر وبعض البغداذية خلافا للمهدي والبصرية.

Bogga 235