178

حجتنا: قوله تعالى{لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}(التحريم :06) فدلت على عصمتهم من جميع المعاصي صغيرها وكبيرها بخلاف الأنبياء فإنها تجوز عليهم الصغائر، وقوله تعالى مخاطبا لنبيئنا صلى الله عليه وآله وسلم{قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك}(الأنعام:50) وقوله تعالى حاكيا عن وسوسة إبليس لآدم وحوى{ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين}(الأعراف:20) وقريب منه قوله تعالى{لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون}(النساء:172) وبيان الاستدلال بها أن ذلك ترق من درجة إلى أعلى منها يعرف ذلك العالم بأساليب أهل اللسان العربي، يقال لا يأنف فلان من تعظيم العالم ولا من هو أعظم منه، وأما سجود الملائكة (عليهم السلام) فلم يكن لآدم على الحقيقه بل لله لإحداثه تلك الخلقة الكريمة وكان آدم قبلة لسجودهم فقط، ولا نسلم أن تكليف البشر أشق من تكليف الملائكة لأنا نقطع أن لهم شهوة ونفرة مع استمرارهم على الطاعة على مضي الأزمان والقرون، ولئن سلمنا ذلك لكن ربما كان التكليف الذي مدته في غاية الطول يقتضي من الثواب أكثر مما يقتضيه التكليف الشاق الذي مدته قصيرة يسيرة، وأما كون الملائكة كانوا من أنصار نبيئنا صلى الله عليه وآله وسلم فليس فيه ما يقتضي أفضليته (عليه الصلاة والسلام) عليهم. وأما فضل نبيئنا صلى الله عليه وآله وسلم خاصة على سائر الأنبياء فهو معلوم من دينه ضرورة ومن إجماع المسلمين وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم:(أنا سيد ولد آدم ولافخر، آدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة، وكذا أنا أول من يقرع باب الجنة، وأنا أول من تنشق عنه الأرض، وأنا

أول شافع ومشفع) ونحو ذلك، وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لاتفضلوني على يونس بن متى) فقد تؤل بأنه لم يكن قد علم أفضليته أو أراد لاتفضلوني في صحة النبوة ووجوب الإتباع أو قال ذلك ردعا للجاهلين حين طعنوا على يونس لذهابه مغاضبا أو إيثارا للتواضع كما يفعله صالح المكلفين ويجوز تفاضل سائر الأنبياء خلافا لضرار.

حجتنا قوله تعالى{ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض}(الإسراء:55) ولامانع منه من جهة العقل.

Bogga 214