105

وقد اختلف في العقول بأن لله تعالى ماهية يعلمها ولانعلمها، فالذي عليه أهل العدل والخوارج وأكثر فرق الإسلام أنه ليس لله ماهية يعلمها ولا نعلمها. وقال الإمام يحي (عليه السلام) وأبو الحسين من العدلية وضرار وحفص الفرد من المجبرة: بل له ماهية يختص بعلمها، واختلفوا فالإمام يحي وأبو الحسين قالا: معناه أن الله تعالى يعلم نفسه على تلك الصفة التي يختص بعلمها. وقال ضرار وحفص الفرد: بل يعلم نفسه ويراها لقولهم بالرؤية فيرى نفسه على صفة لا نعلمها نحن، وقد تقدم في مسألة الرؤية ما يرشد إلى معرفة بطلان هذا القول. ثم نقول: لمن أثبت الماهية على الإطلاق، الماهية ما يتصور في الذهن وقد امتنع أن يتصوره الخلق حيث لم يتمكنوا إلا من تصور المخلوقات اتفاقا بيننا وبينهم، وهو تعالى لا يعلم بالتصور اتفاقا، فإن أرادوا بذلك ذاتا لا يحيط بها المخلوق علما فصحيح، وقد أقسم أبو

هاشم ما يعلم الله من ذاته إلا مثل ما يعلمه هو.

قلت: هذه فرية ما فيها مرية ولقد ركب متن عمياء وخبط خبط عشواء لأن الله تعالى يقول{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}(طه:110) والله تعالى قد أحاط بكل شيء علما على معنى لا يغيب شيء عن علمه لا أن المراد كإحاطة الأسوار، وبتمام ذلك تم الكلام في باب التوحيد.

Bogga 124