والتنافر١:
منه ما تكون الكلمات بسببه متناهية في الثقل على لسان وعسر النطق بها متتابعة، كما في البيت الذي أنشده الجاحظ٢:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر٣
ومنه ما هو دون ذلك كما في قول أبي تمام:
كريم متى أمدحه والورى معي ... "وإذا ما لمته لمته وحدي٤".
_________
١ هو أن تكون الكلمات ثقيلة على اللسان وإن كان كل منها فصيحة.
٢ البيت في دلائل الإعجاز ص٤٦ مع تعليق لعبد القاهر عليه..
وهو لا يعرف قائله.
٣ حرب: اسم رجل. القفر: الخالي من الماء والكلأ.. ويقول القزويني الرحالة في "عجائب المخلوقات: أن هاتفًا من الجن صاح بحرب ابن أمية فمات فرثاه ذلك الجني بهذا البيت.. قوله "قفر" بالرفع نعت مقطوع. والبيت خبر مراد منه التأسف والتحزن.
٤ الواو في "والورى" للحال، وهو مبتدأ، وخبره "معي".. يقول أبو تمام في ممدوحه: هو كريم في خلقه ومعروفه، إذا ما مدحته كان الورى كلهم معي يمدحون ويشيدون أو يسمعون ويؤيدون، وإذا ما أردت لومه على تأخير معروف أو على شبه ذلك وقفت وحدي لا يشاركني في ذلك أحد ولا يؤيدني فيه إنسان.. والبيت في ص٤٦ من دلائل الإعجاز، وذكر الصاحب إسماعيل بن عباد الكاتب أنه أنشد القصيدة التي منها هذا البيت بحضرة الأستاذ ابن العميد الوزير، فلما بلغ هذا البيت قال له الأستاذ: هل تعرف فيه شيئًا من الهجنة؟ قال: نعم مقابلة المدح باللوم وإنما يقابل بالذم أو الهجاء، فقال الأستاذ: غير هذا أريد، فقال: لا أدري غير ذلك، فقال الأستاذ: هذا التكرير في أمدحه أمدحه مع الجمع بين الحاء والهاء وهما من حروف الحلق خارج حد الاعتدال نافر كل النفار، فأشاد الصاحب بذوقه ونقده.
1 / 30