الفصاحة١:
أما فصاحة المفرد٢ فهي خلوصه٣ من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللغوي:
_________
١ هي في اللغة تنبئ التزامًا عن الظهور والإبانة "راجع ص٣٥٣ من الدلائل" يقال: فصح الأعجمي وأفصح: إذا انطلق لسانه وخلصت لغته من اللكنة وجادت فلم يلحن، وأفصح به أي صرح، وفصح اللبن إذا أخذت رغوته وذهب لباؤه، قال أبو محجن الثقفي أو نضلة السلمي:
رأوه، فازدروه، وهو خرق ... وينفع أهله الرجل القبيح
فلم يخشوا مصالته عليهم ... وتحت الرغوة اللبن الفصيح
٢ بدأ بذكر أقسام الفصاحة وتعريف كل قسم منها على حدة دون أن يعرفها في نفسها على الإطلاق لتعذر جمع المعاني المختلفة غير المشتركة في أمر يعمها في تعريف واحد.. وقدم الكلام على الفصاحة قبل البلاغة؛ لأن معرفة البلاغة سواء كانت بلاغة كلام متكلم موقوفة على معرفة الفصاحة في الجملة "إذ لا دخل لفصاحة المتكلم في بلاغة الكلام أو المتكلم"، لكون الفصاحة مأخوذة في تعريف البلاغة، ولهذا أيضًا قدم فصاحة المفرد على فصاحة الكلام والمتكلم، أما توقف فصاحة الكلام على فصاحة المفرد فظاهر، وأما توقف فصاحة المتلكم عليه فبواسطة أخذ فصاحة الكلام المتوقف عليها في فصاحة المفرد.. هذا وعيب المفرد أما في مادته أي حروفه وهو التنافر أو في صورته وهو المخالفة للقياس اللغوي المستنبط من استقراء اللغة "فالقياس اللغوي هو الضابط المتقرر من استعمالات العرب وهو القياس الصرفي"، وأما من دلالته على معناه وهو الغرابة.
٣ تفسير الفصاحة بالخلوص من هذه العيوب لا يخلو عن تسامح؛ لأن الفصاحة تحصل عند الخلوص؛ لأنها هي كون الكلمة جارية على القوانين الصرفية متناسبة الحروف كثيرة الاستعمال، ويلزم من ذلك الخلوص، وبتفصيل أدق أقول: الفصاحة هي كون اللفظ جاريا على القوانين المستنبطة من استقراء كلام العرب كثير الاستعمال على ألسنة العرب الموثوق بعربيتهم.
1 / 21