وقال آخر، وهو من القصيدة:
(بآية تُقْدِمون الخيلَ زورًا ... كأنّ على سَنابِكها مُداما)
فقد بان بإضافتهم هذه الأشياء إلى الأفعال بطلان ما ذكرتم.
الجواب في ذلك أن يقال: إن الشيء إذا اطرّد عليه باب، فصحَّ في القياس وقام في المعقول، ثم اعترض عليه شيء شاذ نزر قليل، لعلة تلحقه، لم يكن ذلك مُبطلًا للأصل، والمتَّفقِ عليه في القياس المطرد، ومثل هذا موجود في جميع العلوم حتى في علوم الشرائع والديانات. فليس إضافة هذه الأشياء إلى الأفعال - لو صح أنها على ما ذهبتم إليه، مع قلتها وكثرة ما امتنع من ذلك - بمفسدة لما ذكرناه. فكيف ولكل شيء مما ذكرتموه سبب وعلة ليس على الظاهر الذي توهَّمتموه. فمن ذلك: أن إضافة أسماء الزمان إلا الأفعال في قولهم: هذا يوم يقوم زيد، وما أشبه ذلك، إنما جازت لأن الأفعال مع فاعليها جمل، ومن شروط أسماء الزمان أن تضاف إلى الجمل إذا كانت موضحة لها، كقولك: قصدتك يوم أخوك منطلق، وزرتك يوم الحجّاج أمير. وكذلك ما أشبهه. أضيفت إلى الأفعال وفاعليها، لدخولها في باب الجمل، كما أضيفت إلى سائر الجمل.
جواب آخر في إضافة أسماء الزمان إلى الأفعال وهو أن الغرض إنما هو المصادر، فكأن المضاف إليه في الحقيقة المصدر، لأن تأويل قولك: هذا يوم يقوم زيد، هذا يوم قيام زيد، وليس هذا المعنى موجودًا في إضافة سائر الأسماء إليها، لأنه لا فائدة تقع فيه. ألا ترى أنك لو قلت؛ هذا غلام يركب زيد، وأنت
1 / 113