مقام التنوين، وهو زيادة في المضاف كما أن التنوين زيادة، فلم يجز أن نقيم الفعل والفاعل مقام التنوين لأن الاسم لا يحتمل زيادتين، ولم يبلغ من قلة التنوين وهو واحد أن يقوما مقامه، كما لا يحتمل الاسم الألف واللام مع التنوين وهذه علة جيدة.
سؤال على المعتمدين على هذا الجواب.
يقال لهم: فإذا كان اعتلالكم في امتناع الأفعال من الإضافة إليها، هو أنه لم يمكن أن يقول الفعل والفاعل مقام التنوين لأن المضاف إليه واقع مقام التنوين لم يجز أن يقوم اثنان مقام التنوين، كما لم يحتمل الاسم الألف واللام مع التنوين فإن هذا يفسد عليكم باجتماع الألف واللام ونون الاثنين والجميع، والألف واللام زائدان والنون زائدة ومؤدية معنى التنوين، فقد جمعتم بين زيادتين فررتم من اجتماع مثلهما، وجعلتموه الدليل على امتناع الأفعال من الإضافة إليها، فقد بطل ما ذهبتهم إليه من ذلك، وبان فساده.
الجواب في ذلك أن يقال: إنما كرهنا الجمع بين زيادتين تجريان مجرى واحدًا في تمكين الاسم، وهما الألف واللام والتنوين، وذلك أن الألف واللام يمكنان الاسم فهما دليل تمكنه. وكذلك التنوين دليل تمكن الاسم. ألا ترى أن ما لا يتمكن لا يدخله التنوين، وما دخلته الألف واللام تمكن، والنون ليست كذلك، لأنها ليست دليل تمكّن، فجاز الجمع بينهما لذلك ولم يجز الجمع بين التنوين والألف واللام، لأن في كل منهما كفاية عن صاحبه في التمكن.
جواب آخر: وهو أن النون عوض من حركة تنوين، وكان حكمهما جميعًا أن يثبتا في كل حال، فحذف التنوين في الواحد لئلا يشبه النون الأصلية، فلما صار إلى التثنية والجمع ورجع إلى أصله فثبت لأنه لا يلتبس بشيء.
1 / 111