لو جاز أن تستحق جاز أن تملك، فلما لم تستقر على شيء بعينه لم يتميز استحقاقها المستحق. ألا ترى أن كل فعل دال على حدَث ومحدِثه وزمان ومكان، لأنه قد علم أن فاعلًا ومفعولًا لا يكونان إلا في مكان. كقولك: قام زيد: فقد دل ذلك القيام على فاعله وعلى الزمان الماضي، وعلمت أنه لا بد لزيد من مكان فيه فعل القيام، وإن لم يكن في لفظ الفعل دليل. فإن كان الفعل مع ذلك متعديًا إلى مفعول أو مفعولين أو ثلاثة، دل على ذلك أجمع. وفيه أيضًا دليل على حال كان فيها الفاعل والمفعول. فإذا كان الفعل واقعًا على هذه الأشياء كلها، ثم أضيف إليه مستحق أو ما يحق له ملكه، لم يدر بأي شيء من هذه الأشياء يتصل، فلم تجز الإضافة إليه من هذين الوجهين.
وكذلك إيصال الفعل بحرف الخفض إلى مفعوله، كقولك: مررت بزيد، وركبت إلى عبد الله، غير جائز مثله في الأفعال، لأن هذه المخفوضات مفعولات في الحقيقة كما ترى، والفعل لا يكون مفعولًا وذلك محال، ولو جاز أن يكون مفعولًا لكان اسمًا لأنه قد مضى القول بأن كل شيء وقع في حيّز الفاعل أو المفعول فهو اسم، في أول الكتاب بما فيه غني عن الإعادة.
جواب في امتناع الأفعال من الإضافة إليها. قال أبو الحسن سعيد ابن مسعدة الأخفش: لم يدخل الأفعال جر، لأنها أدلة، وليست الأدلة بالشيء الذي تدل عليه. وأما زيد وعمرو وأشباه ذلك، فهو الشيء بعينه، وإنما يضاف إلى الشيء بعينه لا إلى ما يدل عليه، وليس يكون جر في شيء من الكلام إلا بالإضافة.
1 / 109