Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Tifaftire
سليم بن عيد الهلالي
Daabacaha
دار ابن عفان
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Goobta Daabacaadda
السعودية
تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ الظَّاهِرَةُ الْآنَ مُسَاوِيَةً لِلْمَصْلَحَةِ الْمَوْجُودَةِ فِي زَمَانِ التَّشْرِيعِ أَوْ أَضْعَفَ مِنْهَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ تَصِيرُ الْأَحْدَاثُ عَبْثًا أَوِ اسْتِدْرَاكًا عَلَى الشَّارِعِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَصْلَحَةَ الْمَوْجُودَةَ فِي زَمَانِ التَّشْرِيعِ؛ إِنْ حَصَلَتْ لِلْأَوَّلِينَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْإِحْدَاثِ؛ [فَالْإِحْدَاثُ] إِذًا عَبَثٌ، إِذْ لَا يَصِحُّ أَنَّ يَحْصُلَ لِلْأَوَّلِينَ دُونَ الْآخَرِينَ، فَقَدْ صَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ تَشْرِيعًا بَعْدَ الشَّارِعِ بِسَبَبٍ لِلْآخِرِينَ مَا فَاتَ الْأَوَّلِينَ، فَلَمْ يَكْمُلِ الدِّينُ إِذًا دُونَهَا، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ هَذَا الْمَأْخَذِ.
وَقَدْ ظَهَرَ مِنَ الْعَادَاتِ الْجَارِيَةِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ أَنَّ تَرْكَ الْأَوَّلِينَ لِأَمْرٍ مَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنُوا فِيهِ وَجْهًا مَعَ احْتِمَالِهِ فِي الْأَدِلَّةِ الْجُمَلِيَّةِ وَوُجُودِ الْمَظَنَّةِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْأَمْرَ لَا يُعْمَلُ بِهِ، وَأَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنْهُمْ عَلَى تَرْكِهِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي " شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْعُتْبِيَّةِ ": " الْوَجْهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ مِمَّا شُرِعَ فِي الدِّينِ - يَعْنِي: سُجُودَ الشُّكْرِ - فَرْضًا وَلَا نَفْلًا، إِذْ لَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ النَّبِيُّ ﷺ، وَلَا فَعَلَهُ، وَلَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اخْتِيَارِ فِعْلِهِ، وَالشَّرَائِعُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا مَنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ ".
قَالَ: " وَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَلَا الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ، بِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ لَنُقِلَ: صَحِيحٌ، إِذْ لَا يَصِحُّ أَنْ تَتَوَفَّرَ الدَّوَاعِي عَلَى تَرْكِ نَقْلِ شَرِيعَةٍ مِنْ شَرَائِعَ الدِّينِ، وَقَدْ أُمِرَ بِالتَّبْلِيغِ ".
قَالَ: " وَهَذَا أَصْلٌ مِنَ الْأُصُولِ، وَعَلَيْهِ يَأْتِي إِسْقَاطُ الزَّكَاةِ مِنَ الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ، مَعَ وُجُودِ الزَّكَاةِ فِيهَا، لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «فِيمَا سَقْتِ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ، وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ»، لِأَنَّا نَزَّلْنَا تَرْكَ
1 / 470