Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Tifaftire
سليم بن عيد الهلالي
Daabacaha
دار ابن عفان
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Goobta Daabacaadda
السعودية
ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اعْتِقَادُ الْعَوَامِّ فِيهَا وَمَنْ لَا عِلْمَ عِنْدِهِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهَذَا فَسَادٌ عَظِيمٌ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ مَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ سُنَّةً، وَالْعَمَلَ بِهَا عَلَى حَدِّ الْعَمَلِ بِالسُّنَّةِ؛ نَحْوٌ مِنْ تَبْدِيلِ الشَّرِيعَةِ؛ كَمَا لَوِ اعْتَقَدَ فِي الْفَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ، أَوْ بِمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ أَنَّهُ فَرْضٌ، ثُمَّ عَمِلَ وَفْقَ اعْتِقَادِهِ؛ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ، فَهَبِ الْعَمَلَ فِي الْأَصْلِ صَحِيحًا؛ فَإِخْرَاجُهُ عَنْ بَابِهِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا مِنْ بَابِ إِفْسَادِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَمِنْ هُنَا ظَهَرَ عُذْرُ السَّلَفِ الصَّالِحِ فِي تَرْكِهِمْ سُنَنًا قَصْدًا؛ لِئَلَّا يَعْتَقِدَ الْجَاهِلُ أَنَّهَا مِنَ الْفَرَائِضِ؛ كَالْأُضْحِيَّةِ وَغَيْرِهَا؛ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ.
وَلِأَجْلِهِ أَيْضًا نَهَى أَكْثَرُهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الْآثَارِ؛ كَمَا خَرَّجَ الطَّحَاوِيُّ وَابْنُ وَضَّاحٍ وَغَيْرُهُمَا عَنْ مَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ الْأَسَدِيِّ؛ قَالَ:
" وَافَيْتُ الْمَوْسِمَ مَعَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁، فَلَمَّا انْصَرَفْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ؛ انْصَرَفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا صَلَّى لَنَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ فَقَرَأَ فِيهَا: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ﴾ [الفيل: ١]، وَ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش: ١]، ثُمَّ رَأَى نَاسًا يَذْهَبُونَ مَذْهَبًا، فَقَالَ: أَيْنَ يَذْهَبُ هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: يَأْتُونَ مَسْجِدًا هَاهُنَا صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِهَذَا؛ يَتَّبِعُونَ آثَارَ أَنْبِيَائِهِمْ، فَاتَّخَذُوهَا كَنَائِسَ وَبِيَعًا، مَنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؛ فَلْيُصَلِّ فِيهَا، وَإِلَّا؛ فَلَا يَتَعَمَّدْهَا.
وَقَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: " سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ يُونُسَ مُفْتِي أَهْلِ طَرَسُوسَ
1 / 448