414

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Tifaftire

سليم بن عيد الهلالي

Daabacaha

دار ابن عفان

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

السعودية

وَقَدْ بَسَطَ الْغَزَالِيُّ هَذَا الْفَصْلَ فِي " الْإِحْيَاءِ " عِنْدَ ذِكْرِ الْعُزْلَةِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ آدَابِ النِّكَاحِ مِنْ ذَلِكَ مَا فِيهِ كِفَايَةٌ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَشْرُوعٌ، بَلْ هُوَ الْأَوْلَى عِنْدَ عُرُوضِ الْعَوَارِضِ، وَعِنْدَمَا يَصِيرُ النِّكَاحُ وَمُخَالَطَةُ النَّاسِ وَبَالًا عَلَى الْإِنْسَانِ، وَمُؤَدِّيًا إِلَى اكْتِسَابِ الْحَرَامِ وَالدُّخُولِ فِيمَا لَا يَجُوزُ؛ كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ ﷺ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتَّبِعُ بِهَا شَغَفَ الْجِبَالِ، وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ». . . وَسَائِرُ مَا جَاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ ﷺ: ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا﴾ [المزمل: ٨]، وَالتَّبَتُّلُ - عَلَى مَا قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ - رَفْضُ الدُّنْيَا؛ مِنْ قَوْلِهِمْ: بَتَلْتُ الْحَبْلَ بَتْلًا؛ إِذَا قَطَعْتُهُ، وَمَعْنَاهُ: الْقَطْعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْهُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ وَغَيْرُهُ: " بَتَّلَ إِلَيْهِ نَفْسَهُ وَاجْتَهَدَ ".
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: " تَفَرَّغَ لِعِبَادَتِهِ ".
هَذَا إِلَى مَا جَاءَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الِانْقِطَاعِ إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَفْضِ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، وَالتَّخَلِّي عَنِ الْحَوَاضِرِ إِلَى الْبَوَادِي، وَاتِّخَاذِ الْخَلَوَاتِ فِي الْجِبَالِ وَالْبَرَارِيِّ، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْجِبَالِ الشَّامِيَّةِ قَدْ خَصَّهَا اللَّهُ بِالْأَوْلِيَاءِ وَالْمُنْقَطِعِينَ إِلَى لُبْنَانَ وَنَحْوِهِ.
فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ؟

1 / 434