Ictisam
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
Tifaftire
سليم بن عيد الهلالي
Daabacaha
دار ابن عفان
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
Goobta Daabacaadda
السعودية
وَهُوَ خَطَأٌ، لِأَنَّ الرُّؤْيَا مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يُحْكَمُ بِهَا شَرْعًا عَلَى حَالٍ؛ إِلَّا أَنْ تُعْرَضَ عَلَى مَا فِي أَيْدِينَا مِنَ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَإِنْ سَوَّغَتْهَا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا، وَإِلَّا؛ وَجَبَ تَرْكُهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا، وَإِنَّمَا فَائِدَتُهَا الْبِشَارَةُ أَوِ النِّذَارَةُ خَاصَّةً، وَأَمَّا اسْتِفَادَةُ الْأَحْكَامِ؛ فَلَا.
كَمَا يُحْكَى عَنِ الْكَتَّانِيِّ ﵀؛ قَالَ: " رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ لَا يُمِيتَ قَلْبِي، فَقَالَ: قُلْ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعِينَ مَرَّةً: يَا حَيُّ! يَا قَيُّومُ! لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ".
فَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ لَا إِشْكَالَ فِي صِحَّتِهِ، وَكَوْنُ الذِّكْرِ يُحْيِي الْقَلْبَ صَحِيحٌ شَرْعًا، وَفَائِدَةُ الرُّؤْيَا التَّنْبِيهُ عَلَى الْخَيْرِ، وَهُوَ مِنْ نَاحِيَةِ الْبِشَارَةِ، وَإِنَّمَا يَبْقَى الْكَلَامُ فِي التَّحْدِيدِ بِالْأَرْبَعِينَ، وَإِذَا لَمْ يُوجَدُ عَلَى اللُّزُومِ اسْتَقَامَ.
وَعَنْ أَبِي يَزِيدَ الْبَسْطَامِيِّ؛ قَالَ: رَأَيْتُ رَبِّي فِي الْمَنَامِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ الطَّرِيقُ إِلَيْكَ؟ فَقَالَ: اتْرُكْ نَفْسَكَ وَتَعَالَى ".
وَشَأْنُ هَذَا الْكَلَامِ مِنَ الشَّرْعِ مَوْجُودٌ، فَالْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّنْبِيهِ لِمَوْضِعِ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ النَّفْسِ مَعْنَاهُ تَرْكُ هَوَاهَا بِإِطْلَاقِ، وَالْوُقُوفُ عَلَى قَدَمِ الْعُبُودِيَّةِ، وَالْآيَاتُ تَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى - فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى﴾ [النازعات: ٤٠ - ٤١]،. . . . وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
فَلَوْ رَأَى فِي النَّوْمِ قَائِلًا يَقُولُ: إِنَّ فُلَانًا سَرَقَ فَاقْطَعْهُ، أَوْ عَالِمٌ
1 / 332