241

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Baare

سليم بن عيد الهلالي

Daabacaha

دار ابن عفان

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

السعودية

وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ كَانَتِ الْهِجْرَةُ وَاجِبَةً عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ بِاللَّهِ مِمَّنْ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنِ احْتَالَ عَلَى نَفْسِهِ، فَهَاجَرَ بِمَالِهِ أَوْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَاسْتَعَانَ بِهِ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي حِرْفَتِهِ الَّتِي كَانَ يَحْتَرِفُ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا - كَأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ﵁؛ فَإِنَّهُ هَاجَرَ بِجَمِيعِ مَالِهِ، وَكَانَ خَمْسَةَ آلَافٍ -، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ بِنَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِخْلَاصِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ صِفْرَ الْيَدَيْنِ. وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْعَمَلَ فِي حَوَائِطِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِمْ مَعَهُمْ كَبِيرُ فَضْلٍ فِي الْعَمَلِ. وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ أَشْرَكَهُمُ الْأَنْصَارُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ؛ بِدَلِيلِ قِصَّةِ بَنِي النَّضِيرِ؛ فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ﵁؛ قَالَ: «لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَنِيَ النَّضِيرِ؛ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: " إِنْ شِئْتُمْ قَسَّمْتُهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَتَرَكْتُمْ نَصِيبَكُمْ فِيهَا وَخَلَّى الْمُهَاجِرُونَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ دُورِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ؛ فَإِنَّهُمْ عِيَالٌ عَلَيْكُمْ "، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ ﷺ؛ غَيْرَ أَنَّهُ أَعْطَى أَبَا دُجَانَةَ» وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ فَقُرَاءُ. وَقَدْ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ أَيْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ! يَا رَسُولَ اللَّهِ! مَا رَأَيْنَا قَوْمًا أَبْذَلَ مِنْ كَثِيرٍ، وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً مِنْ قَلِيلٍ؛ مِنْ قَوْمٍ نَزَلْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ - يَعْنِي: الْأَنْصَارَ -؛ لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَأِ، حَتَّى لَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «لَا؛ مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ وَأَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ».

1 / 259