218

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Tifaftire

سليم بن عيد الهلالي

Daabacaha

دار ابن عفان

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

السعودية

Gobollada
Isbeyn
فَإِذًا; قَوْلُهُ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً» ; مَعْنَاهُ: مَنْ عَمِلَ بِسُنَّةٍ، لَا مَنِ اخْتَرَعَ سُنَّةً.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وَجْهَيِ الْجَوَابِ:
أَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً ; لَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الِاخْتِرَاعِ مِنْ أَصْلٍ; لِأَنَّ كَوْنَهَا حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ; لِأَنَّ التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ مُخْتَصٌّ بِالشَّرْعِ لَا مَدْخَلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ جَمَاعَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا يَقُولُ بِهِ الْمُبْتَدِعَةُ أَعْنِي: التَّحْسِينَ وَالتَّقْبِيحَ بِالْعَقْلِ فَلَزِمَ أَنْ تَكُونَ السُّنَّةُ فِي الْحَدِيثِ إِمَّا حَسَنَةً فِي الشَّرْعِ وَإِمَّا قَبِيحَةً بِالشَّرْعِ، فَلَا يَصْدُقُ إِلَّا عَلَى مِثْلِ الصَّدَقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِنَ السُّنَنِ الْمَشْرُوعَةِ، وَتَبْقَى السُّنَّةُ السَّيِّئَةُ مُنَزَّلَةٌ عَلَى الْمَعَاصِي الَّتِي ثَبَتَ بِالشَّرْعِ كَوْنُهَا مَعَاصِيَ; كَالْقَتْلِ الْمُنَبَّهِ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ آدَمَ، حَيْثُ قَالَ ﵇: لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ، وَعَلَى الْبِدَعِ; لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ ذَمُّهَا وَالنَّهْيُ عَنْهَا بِالشَّرْعِ; كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: «مَنِ ابْتَدَعَ بِدْعَةً ضَلَالَةً»، فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ; لِأَنَّ سَبَبَ الْحَدِيثِ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِشَيْءٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ; كَالْعُمُومَاتِ الْمُبْتَدَأَةِ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ لَهَا أَسْبَابٌ.
وَيَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً ; أَيْ: مَنِ اخْتَرَعَهَا، وَشَمَلَ مَا كَانَ مِنْهَا مُخْتَرَعًا ابْتِدَاءً مِنَ الْمَعَاصِي; كَالْقَتْلِ مِنْ أَحَدِ ابْنَيْ آدَمَ، وَمَا كَانَ مُخْتَرَعًا بِحُكْمِ الْحَالِ، إِذْ كَانَتْ قَبْلُ مُهْمَلَةً مُتَنَاسَاةً، فَأَثَارَهَا عَمَلُ هَذَا الْعَامِلِ.

1 / 236