192

Ictisam

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

Baare

سليم بن عيد الهلالي

Daabacaha

دار ابن عفان

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

Goobta Daabacaadda

السعودية

أَهْلُ هَذَا النَّوْعِ.
وَقَلَّمَا تَجِدُ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ; إِلَّا وَهُوَ يُوَالِي فِيمَا ارْتَكَبَ وَيُعَادِي بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ.
خَرَّجَ الْبَغْوِيُّ عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ الْكِنَانِيِّ أَنَّ رَجُلًا وُلِدَ لَهُ غُلَامٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَأَخَذَ بِجَبْهَتِهِ، فَنَبَتَتْ شَعْرَةٌ بِجَبْهَتِهِ كَأَنَّهَا هُلْبَةُ فَرَسٍ. قَالَ: فَشَبَّ الْغُلَامُ، فَلَمَّا كَانَ زَمَنُ الْخَوَارِجِ; أَجَابَهُمْ، فَسَقَطَتِ الشَّعْرَةُ عَنْ جَبْهَتِهِ، فَأَخَذَهُ أَبُوهُ، فَقَيَّدَهُ وَحَبَسَهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمْ، قَالَ: فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَوَعَظْنَا [هُ] وَقُلْنَا لَهُ: أَلَمْ تَرَ بَرَكَةَ النَّبِيِّ ﷺ وَقَعَتْ؟ قَالَ: فَلَمْ نَزَلْ بِهِ حَتَّى رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِمْ، قَالَ: فَرَدَّ اللَّهُ ﷿ الشَّعْرَةَ فِي جَبْهَتِهِ إِذْ تَابَ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُنْتَصِبُونَ إِلَى هَذَا الْمُقَلِّدِ الْخَامِلِ بَيْنَ النَّاسِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ نَصَّبَ نَفْسَهُ مَنْصِبَ الْمُسْتَحِقِّينَ، فَفِي تَأْثِيمِهِ نَظَرٌ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: إِنَّهُ آثِمٌ.
وَنَظِيرُهُ مَسْأَلَةُ أَهْلِ الْفَتَرَاتِ الْعَامِلِينَ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَاسْتِقَامَةً لِمَا عَلَيْهِ أَهْلُ عَصْرِهِمْ، مِنْ عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ; لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ يَقُولُونَ فِي حُكْمِهِمْ: إِنَّهُمْ عَلَى قِسْمَيْنِ:
قِسْمٌ غَابَتْ عَلَيْهِ الشَّرِيعَةُ، وَلَمْ يَدْرِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَوَقَفَ عَنِ الْعَمَلِ بِكُلِّ مَا يَتَوَهَّمُهُ الْعَقْلُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ، وَرَأَى مَا أَهْلُ عَصْرِهِ عَامِلُونَ بِهِ مِمَّا لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ مُسْتَنَدٌ إِلَّا اسْتِحْسَانُهُمْ، فَلَمْ يَسْتَفِزَّهُ ذَلِكَ عَلَى الْوُقُوفِ عَنْهُ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الدَّاخِلُونَ حَقِيقَةً تَحْتَ عُمُومِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ:

1 / 210