ومثلت سيئاتي أمامي، فخجلت من نفسي؛ إذ رأيت ما فعلت في مدى ثلاثة أشهر بتلك الوعود والأماني. كنت أحسب أن في قلبي كنزا، فما استخرجت الأيام منه إلا مرارة الغسلين، وأشباح أحلام، وشقاء المرأة التي أعبدها.
لأول مرة في حياتي شعرت أنني أجابه ذات الحقيقة وجها لوجه، وما كانت بريجيت توجه إلي أقل ملامة، بل كانت تريد أن تتوارى عن عياني فتخونها قواها، وتقف متأهبة لمصارعة أحزانها، وخطر لي فجأة أن من واجبي أن أتوارى لأنقذها من مصائبها بإنقاذها مني.
نهضت متوجها إلى غرفة بريجيت، فجلست على صندوقها مسندا رأسي بيدي وأنا مضعضع الحواس، أنظر إلى ما حولي من رزم لم تزل مفتوحة، ومن أثواب مبعثرة على الرياش، وما كانت قطعة من القطع غريبة عني، وفي كل ما لمست حبيبتي شيء من قلبي، وذهبت أحاسب نفسي على ما سببت من شرور، فانتصب أمامي خيال بريجيت عندما رأيتها لأول مرة تحت أغصان الزيزفون، وجديها الناصع البياض يتراكض وراءها، وناجيت نفسي قائلا: بأي حق تجرأت على الدخول إلى هنا لتتسلط على هذه المرأة؟ من أجاز أن يتعذب الآخرون من أجلك؟
إنك تقف أمام مرآتك وتسرح شعرك لتذهب بخمولك تتلمس السعادة قرب خليلة يحيط بها الشقاء، فترتمي على المساند التي ركعت عليها موجهة إلى الله توسلاتها من أجلك ومن أجلها، فتأخذ راحتيها لتدغدغهما ضاحكا ولما تزالا في رجفة الصلاة.
إنك لذو مهارة لإشعال جذوة الخيال في رأس متألم، فتندفع إلى الثرثرة محموما بغرامك كأنك محام يخرج محملق العينين من موقف دفاعه عن قضية خاسرة، فما أنت إلا الولد الآبق يتلاعب بالألم، ويتسلى بالعذاب، فيحلو لك أن ترتكب جريمة القتل في مجلس أنس بوخزات الإبر.
بأية كلمة ستقف أمام إلهك الحي عندما تكمل عملك؟
إلى أين مصير المرأة التي تهواك؟
إلى أية هاوية تنزلق بهذه المرأة التي تستند إليك؟
بأي وجه ستقف أمام الشمس عندما تدرج بيديك في اللحد عاشقتك الناحلة الشقية كما أدرجت هي آخر سند لها في الحياة؟
لا ريب في أنك ستدفع بها إلى القبر؛ لأن محبتك محرقة قاتلة.
Bog aan la aqoon