134

ليتني كنت قبل ما قد بدا لي في رؤوس الجبال أرعى الوعولا

والشعر لأمية بن الصلت، قاله: عند وفاته. وقبله:

كل عيش وإن تطاول دهرا صائر مرة إلى أن يزولا

* مصنفه: هذا مع دهائه وثقابة رأيه، لما رأى بأس الله تعالى، رأى طاعته قصورا في طاعة نفسه، وعلم أن الأمل قد خذله، والأجل قد حصده، والتدارك قد فاته، فلم يجده الأسف، وعرفه الكمد لإيثاره أم الغرور. وبلغني: أنه لما هم بالإرتحال إلى معاوية.

قال لغلامه وردان: شد الرحل. ثم قال: حطه. ثم أمر بأن يشد، ثم أمره بأن يحطه ثلاثا. فقال غلامه وردان: أتأذن لي بالكلام؟ فقال: تكلم. فقال: أما إنك وقفت بين أمرين: تارة تحدث نفسك بالخروج إلى معاوية، وتارة بالخروج إلى أمير المؤمنين علي عليه السلام، فإن أردت الدنيا: فعليك بمعاوية، وإن أردت الآخرة: فعليك بأمير المؤمنين علي عليه السلام.

فقال: شد الرحل إلى معاوية، فغلب عقله هواه، حتى خاض به في مهواة.

أخبرنا أبو الحسن، أخبرنا أبو أحمد، أخبرنا أبو جعفر بن بهلول، حدثني: إسحاق بن بهلول، حدثنا أبي، عن الهيثم، عن الشعبي، قال: أرسل إلي عبدالملك بن مروان وهو شاك، فدخلت عليه.

فقلت كيف أصبح أمير المؤمنين؟

قال: أصبحت كما قال ابن قميئة:

كأني وقد جاوزت سبعين حجة .... خلعت بها عني عذار لجامي

رمتني بناتالدهر من حيث لا أرى .... فكيف بمن يرمي وليس برامي

فلو أنني أرمى بسهم رأيته .... ولكنني أرمى بغير سهام

إذا ما رآني الناس قالوا ألم يكن .... حديثا شديد البطش غير كهام

قال الشعبي: فقلت لا يا أمير المؤمنين: ولكنك كما قال لبيد:

راحت تشكي إلي النفس مجهشة .... وقد حملتك سبعا بعد سبعينا

فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا .... وفي الثلاث وفاء للثمانينا

فعاش والله حتى بلغ تسعين سنة، فقال :

كأني وقد جاوزت تسعين حجة خلعت بها عن منكبي ردائيا

فعاش حتى بلغ مائة وعشرين سنة، فقال:

Bogga 166