مغتربًا، ولم يرض بالجبال أكفاء ولا بالبسيطة منتسبًا، ينظر إلى ما يجاوره نظر الجارح المحلق في السماء، أو الشهاب الراجم في حندس الظلماء، ففتحه الله وحده قبل الخلوص إليه من العروج، والنزول عليه من السروج، فتحًا تفاءل به التوحيد فيما يؤمله، وقال أهله: اللهم اجعله مفتاح كل باب نستقبله!.
ومنها: صوبنا على طليطلة قاعدة الصفر وأم بلاد الكفر، وجئناها من جهات أبواب قشتالة وهي الجهات التي كانوا يأمنون من أُفقها، ولا يسدون بابًا يفضي إلى طرقها، فأخذهم العذاب من حيث لا يشعرون، وعرفوا التخاذل من حيث كانوا ينصرون، واستقبلتهم العبر أفواجًا أفواجًا، وجاءتهم النذر تأويبًا وإدلاجًا، إلى أن نزلنا بظاهرها الشمالي وكم لجيوش الإسلام لم توقع بصرًا على حدودها، ولا جرت صعدة في صعيدها، فرد ما كان يليها منها نفنفًا، وقاعًا صفصفًا ... ثم تظاهر الموحدون ثاني يوم فيما أعطاهم الله تعالى من قوة العدة والعديد، وفاضوا على أعطافها في بحور الخيل وأمواج الحديد، كل قبيلة في شعارها الموسوم، وعلى