337

وإذا ثبت أن عفا يكون بمعنى محا فلا يبعد حمل الآية عليه، ويكون إسناد عفي لمرفوعه إسنادا حقيقيا لأنه إذ ذاك مفعول به صريح، وإذا كان لا يتعدى كان إسناده إليه مجازا وتشبيها للمصدر بالمفعول به، فقد يتعادل الوجهان أعني: كون عفا اللازم لشهرته في الجنايات، وعفا المتعدي لمعنى محا لتعلقه بمرفوعه تعلقا حقيقيا.

وقد جوز ابن عطية أن يكون عفى بمعنى: ترك، فيرتفع شيء على أنه مفعول به قام مقام الفاعل، قال: والأول أجود بمعنى أن يكون عفى لا يتعدى إلى مفعول به، وإن ارتفاع بشيء، هو لكونه مصدرا أقيم مقام الفاعل، وتقدم قول الزمخشري: أن عفى بمعنى: ترك لم يثبت.

{فاتباع بالمعروف وأدآء إليه بإحسن}. ارتفاع اتباع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: فالحكم، أو الواجب كذا قدره ابن عطية، وقدره الزمخشري: فالأمر اتباع، وجوز أيضا رفعه بإضمار فعل تقديره: فليكن اتباع، وجوزوا أيضا أن يكون مبتدأ محذوف الخبر وتقديره، فعلى الولي اتباع القاتل بالدية، وقدروه أيضا متأخرا تقديره، فاتباع بالمعروف عليه.

قال ابن عطية بعد تقديره: فالحكم أو الواجب اتباع، وهذا سبيل الواجبات، كقوله {فإمساك بمعروف}(البقرة: 229)} وأما المندوب إليه فيأتي منصوبا كقوله : {فضرب الرقاب}(محمد: 4)} انتهى.

Bogga 371