285

{وما جعلنا القبلة التى كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه}: جعل هنا: بمعنى صير، فيتعدى لمفعولين: أحدهما {القبلة}، والآخر {التي كنت عليها}. والمعنى: وما صيرنا قبلتك الآن الجهة التي كنت أولا عليها إلا لنعلم، أي ما صيرنا متوجهك الآن في الصلاة المتوجه أولا، لأنه كان يصلي أولا إلى الكعبة، ثم صلى إلى بيت المقدس، ثم صار يصلي إلى الكعبة. وتكون {القبلة}: هو المفعول الثاني، {التي كنت عليها}: هو المفعول الأول، إذ التصيير هو الانتقال من حال إلى حال. فالمتلبس بالحالة الأولى هو المفعول الأول، والمتلبس بالحالة الثانية هو المفعول الثاني. ألا ترى أنك تقول: جعلت الطين خزفا، وجعلت الجاهل عالما؟ والمعنى هنا على هذا التقدير: وما جعلنا الكعبة التي كانت قبلة لك أولا، ثم صرفت عنها إلى بيت المقدس، قبلتك الآن إلا لنعلم. ووهم الزمخشري في ذلك، فزعم أن {التي كنت عليها}: هو المفعول الثاني لجعل، قال: التي كنت عليها ليس بصفة للقبلة، إنما هي ثاني مفعولي جعل. تريد: وما جعلنا القبلة الجهة التي كنت عليها، وهي الكعبة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلمكان يصلي بمكة إلى الكعبة، ثم أمر بالصلاة إلى صخرة بيت المقدس بعد الهجرة، تألفا لليهود، ثم حول إلى الكعبة، فيقول: وما جعلنا القبلة التي يجب أن تستقبلها الجهة التي كنت عليها أولا بمكة، يعني: وما رددناك إليها إلا امتحانا للناس وابتلاء، انتهى ما ذكره.

Bogga 310