Iclan Bi Tawbikh
الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ
Baare
سالم بن غتر بن سالم الظفيري
Daabacaha
دار الصميعي للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Goobta Daabacaadda
الرياض - المملكة العربية السعودية
Noocyada
عَنْهُمْ، فَإِنَّا نَرَى قَوْمًا يَحْكُونَ أَشْيَاءَ لَا يَعْرِفُونَ عُهُودَ حُدُوثِهَا وَوُقُوعِهَا، فَيُقَدِّمُونَ مَا تَأَخَّرَ، وَيُؤَخِّرُونَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ مِنْهَا، سِيَّمَا مَنْ كَانَ مِنْ أَرْضِ خُرَاسَانَ، فَقَدْ جَرَى عَلَى أَيْدِي أَهْلِهَا مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى أَيْدِي غَيْرِهِمْ مِنَ [الْحَوَادِثِ] (^١) الْعِظَامِ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْمَعْرِفَةِ مِنْ أَهْلِهَا أَنْ يَعْلَمَ جُمَلَ أَنْبَائِهَا، وَيَحْفَظَ أَيَّامَ أُمَرَائِهَا، لَا شَيْءَ أَزْرَى عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَجْهَلَ أَخْبَارَ أَرْضِهِ، وَلَعَلَّهُ يَتَطَلَّبُ أَخْبَارَ غَيْرِهَا فَيَكُونَ كَمَنْ تَرَكَ الْوَاجِبَ وَتَبِعَ النَّوَافِلَ.
كَمَا قَالَ الْقَائِلُ فِي رَجُلٍ كَانَ يَتَوَلَّى عَمَلَ الْبَرِيدِ، فَذَهَبَتْ جَارِيتُهُ بِعِلَّةِ الْحَمَّامِ إِلَى خِدْنٍ (^٢) لَهَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، فَقِيلَ فِيهِ:
دَهَتْكَ بِعِلَّةِ الحَمَّامِ نُعْمُ … وَمَالَ بِهَا الطَّرِيقُ إِلَى سَعِيدِ
أَرَى أَخْبَارَ دَارِكَ عَنْكَ تَخْفَى … فَكَيْفَ وُلِّيتَ أَخْبَارَ البَرِيدِ
وَكَمَا قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ (^٣):
وَإِنِّي وَتَرْكِي نَدَى الأكْرَمينَ … وقَدْحِي بِكَفَّيَّ زَنْدًا شَحَاحَا
كتارِكَةٍ بَيْضَهَا بِالعَرَاءِ … ومُلْبِسَةٍ بِيضَ أُخْرَى جَنَاحَا
وَهَذَا مَا وَصَفُوا بِهِ النَّعَامَةَ فِي شِدَّةِ حُمْقِهَا، حَتَى قَالُوا: "إِنَّهُ لِأَمْوَقُ (^٤) مِنْ نَعَامَةٍ" لِأَنَّهَا رُبَّمَا قَامَتْ عَنْ بَيْضِهَا تَطْلُبُ لِنَفْسِهَا مَرْعًى، فَتَنْتَهِي إِلَى بَيْضِ نَعَامَةٍ أُخْرَى، فَتَحَتَضِنُهَا وَتُهْمِلُ بَيْضَهَا حَتَّى يَفْسَدَ، وَإِيَّاهَا عَنُوا بِقَوْلِهِمْ: بَيْضَةُ الْبَلَدِ.
(^١) في جميع النسخ: الواجب، وهو تحريف. (^٢) أي صديقها. انظر: الأزهري، تهذيب اللغة، ٧/ ٢٨٠. وقائل البيتين هو ابن المُعَذَّل. انظر: الجاحظ، رسائل الجاحظ، ٢/ ٢٦٨ - ٢٦٩، مع بعض الاختلاف. (^٣) انظر: ديوانه، ص ٨١؛ ابن قتيبة، الشعر والشعراء، ص ٥١٠. (^٤) حمق في غباوة. انظر: الأزهري، تهذيب اللغة ٩/ ٣٦٣. وانظر: العسكري، الأمثال ١/ ٣٩٤.
1 / 164