وهم محمد وأحمد والحسن، وكان أبوهم موسى من البارعين فى الهندسة إلا أن تفرغ لعلم النجوم، واختص بصحبة المأمون. وكان بنوه الثلاثة أبصر الناس بالهندسة والحيل والحركات والموسيقى وعلم النجوم. فبرع محمد فى الهندسة والفلك وتوفى سنة 259. وتفرغ أحمد لعلم الحيل «الميكانيكا» ففتح له فيه ما لم يفتح مثله لغيره من القدماء المحققين بالحيل، مثل «ايرن» وغيره وانفرد الحسن بالهندسة، فكان له طبع عجيب فيها لا يدانيه أحد، وتخيل قوى. حدث نفسه باستخراج مسائل لم يستخدجها أحد من الأولين، كقسمة الزاوية بثلاثة أقسام متساوية وغير ذلك.
ولما مات أبوهم موسى، تركهم صغارا، فكلفهم المأمون وأثبتهم مع يحيى بن أبى منصور فى بيت الحكمة، فخرجوا نهاية فى علومهم، وهم الذين قاسوا الدرجة الأرضية للمأمون. ذكرهم القفطى وأثنى عليهم وذكرهم أيضا ابن النديم فى طبقة المهندسين المحدثين.
ولم يكتف هؤلاء الإخوة بما نفعوا به الناس من علومهم، بل قرنوا هذا الفضل بفضل آخر فاقتدوا يسيدهم فى ترجمة الكتب النافعة ونشرها بين الأمة، وأتبعوا أنفسهم فى شأنها وأنفذوا إلى بلاد الروم من أخرجها لهم، وأحضروا النقلة من الأصقاع الشاسعة والأماكن البعيدة، وتولوا الإنفاق على ذلك من أموالهم.
أما قياسهم الدرجة الأرضية، فقد فصل الكلام عليه ابن خلكان، فآثرنا إثبات كلامه بنصه لما فيه من الفائدة قال: «ومما اختصوا به فى ملة الإسلام، فأخرجوه من القوة للفعل وإن كان أرباب الأرصاد المتقدمون على الإسلام قد فعلوه، ولكنه لم ينقل أن أحدا من أهل هذه الملة تصدى له وفعله إلا هم.
Bogga 17