السادس: لو كان مناما لم ينكره المشركون ولا كان معجزا ولا طلبوا منه دليلا عَلَى قوله بما قد عرفوه من الطريق والمسجد وصفته، لأن الذي يرى فِي المنام لا يطالب بجميع ما يكون فِي ذَلِكَ البلد الذي رأى نفسه فيه، ولا ينكر عليه رؤيته لأن كل أحد يرى أعظم من هَذَا، فلما أنكروا عليه علم أنه إنما قَالَ لهم ذَلِكَ فِي اليقظة، وهذا جواب جيد
٩٠ - وقد روى أَبُو حفص بن شاهين فِي كتاب السنة بإسناده عن ابن عباس، قَالَ: قَالَ رسول الله، ﷺ: " لما كان ليلة أسري بي أصبحت بمكة فضقت بأمري وعرفت أن الناس تنكرني، قَالَ: فقعد رسول الله، ﷺ، معتزلا حزينا، فمر به أَبُو جهل فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ قَالَ: نعم إني أسري بي الليلة، قَالَ: إلى أين؟ قَالَ: إلى بيت المقدس، قَالَ: ثم أصبحت بين ظهرانينا، قَالَ: نعم، قَالَ: فلم يره أن يحدثه مخافة أن يجحد الحديث إن دعا قومه إليه،
فقال: أتحدث قومك ما حدثتني إن دعوتهم إليك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: يا معشر بني كعب بن لؤي هلموا، قَالَ: فجاءوا حتى جلسوا إليهما، فقال: حدث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله، ﷺ، إنه أسري بي الليلة، قَالُوا: إلى أين؟ قَالَ: إلى بيت المقدس، قَالَ: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فمن بين مصفق ومن بين واضع يده عَلَى رأسه متعجبا، فقالوا: هل تستطيع أن تنعت لنا المسجد؟ قَالَ: وفي القوم من قد سافر إلى ذَلِكَ البلد، ورأى المسجد، قَالَ رسول الله، ﷺ: فذهبت أنعت لهم فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت، قَالَ: فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو عقال، فنعته وأنا أنظر إليه، فقال القوم: أم النعت فوالله قد أصاب
1 / 108