فإن قيل: إذا لم يدخل الراسخون مع الله فِي العلم لم يكن لهم فضل عَلَى من لم يرسخ فِي العلم، لأن كل المسلمين يقولون آمنا به.
قيل: فضل الراسخين عَلَى غيرهم أنهم يعرفون الأحكام المحكمات مالا يعرفه غيرهم، وقد قيل: إن فضيلتهم تحصل بإيمانهم بالغيب عَلَى من لم يؤمن به، وقد قَالَ تَعَالَى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ﴾ وهذا يدل عَلَى أن هناك من لم يؤمن به فكانت فضيلتهم بالإيمان به.
فإن قيل: فنسلم لكم فِي القرآن مالا يعلم تأويله غير الله، لكن فائدته التلاوة التي هي طاعة وهي مندوب إليها يثاب عَلَى فعلها، فأما الأخبار فمتى لم يعرف معناها بلغة العرب عريت عن فائدة، لأنها لا تفيد عملا ولا تثبت علما ولا ثواب فِي فعلها.
قيل: لا تعرى عن فائدة لما بينا فيما قبل وهو اختبار العباد ليؤمن به المؤمن فيسعد، ويكفر به الكافر فيشقى، لأن سبيل المؤمن أن يصدق بما جاء به الرسول
٥٠ - ودليل آخر ما روى أَبُو هُرَيْرَةَ وعبد الله بن عمرو، عن النبي، ﷺ، قَالَ: " يحمل هَذَا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " فوجه الدلالة أنه منع التأويل فِي ذَلِكَ.
1 / 69