Ibtal al-Ta'weelat
إبطال التأويلات - ط غراس
Baare
أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي
Daabacaha
غراس للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Goobta Daabacaadda
الكويت
Noocyada
وقيل: معنى قوله "كلتا يديه يمين" وصفه بغاية الجود والكرم والإحسان والتفضُّل، وذلك أنَّ العرب تقول لمن هو كذلك: كلتا يديه يمين، وإذا نَقَص حظ الرجل وبخس نصيبه، قيل جعل سهمه في الشمال، وإذا لم يكن عنه اجتلابُ منفعة ولا دفعُ مضرة، قيل: ليس فلان باليمين ولا بالشمال،
= إطلاق اليسار على الله ﷿ إنما هو على جهة التأدب فقط، فإن إثبات اليمين وإسناد بعض الشئون إليها كما في قوله تعالى ﴿وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، وكما في قوله ﵇: "وإن يمين الله ملآى سَحَّاء الليل والنهار" يدل على أن اليد الأخرى المقابلة لها ليست يمينًا. اهـ
قلت: ويقويه كلام الدارمي ﵀ في نقضه على المريسي فقد قال: وأعجب من هذا قول الثلجي الجاهل فيما ادعى: تأويل حديث رسول الله ﷺ "المقسطون يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين" فادعى الثلجي أن النبي ﷺ تأول "كلتا يديه يمين" أنه خرج من تأويل الغلوليين أنها يمين الأيدي، وخرج من معنى اليدين إلى النعم. يعني بـ "الغلوليين" أهل السنة، يعني أنه لا يكون لأحد يمينان، فلا يوصف أحد بيمينين، ولكن يمين وشمال بزعمه!
قال أبو سعيد: ويلك بها المعارض! إنما عني رسول الله ﷺ ما قد أطلق على التي في مقابلة اليمين الشمال، ولكن تأويله: وكلتا يديه يمين، أي: منزهٌ عن النقص والضعف، كما في أيدينا الشمال من النقص وعدم البطش، فقال "كلتا يدي الرحمن يمين" إجلالًا لله، وتعظيمًا أن يوصف بالشمال، وقد وصفت يداه بالشمال واليسار.
وكذلك لو لم يجز إطلاق الشمال واليسار، لما أطلق رسول الله ﷺ، ولو لم يجز أن يقال: "كلتا يدي الرحمن يمين" لم يقله رسول الله ﷺ.
وهذا قد جّوزه الناس في الخلق، فكيف لا يجوز ابن الثلجي في يدي الله أنهما جميعًا يمينان؟! وقد سُمي من الناس ذا الشمالين؟ فجاز نفي دعوى ابن الثلجي أيضًا، ويخرج ذو الشمالين من معنى أصحاب الأيدي. اهـ (النقص ص ١٥٥ - ١٥٦).
وقال ابن قتيبة في "تأويل مختلف الحديث" (ص ١٤٢): إنما أراد بذلك معنى التمام والكمال، لأن كل شيء فمياسرة تنقص عن ميامنه في القوة والبطش والتمام، وكانت العرب تحب التيامن وتكره التياسر، لما في اليمين من التمام وفي اليسار من النقص.
ويجوز أنه يريد: العطاء باليدين جميعًا، لأن اليمنى هي المعطية، فإذا كانت اليدان يمينين =
1 / 214