قيل: حمله على هذا يُسقط فائدة التخصيص بآدم، لأن جميع ولد آدم بهذه الصفات، لهم حياة وعلم وقدرة وسمع وبصر وكلام وإرادة، وكذلك الملائكة لهم هذه الصفات.
فأما قوله ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ﴾ فيحتمل أن يكون معناه خلقناكم فصورناكم، كما قال تعالى في السورة التي يذكر فيها المؤمن ﴿اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [غافر: ٦٤]. وقال تعالى في السورة التي يذكر فيها التغابن ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ [التغابن: ٣] يبين صحة هذا أن هذه الصفات ليست غير ذاته.
فإن قيل: قوله "على صورة الرحمن" معناه: على مصور الرحمن، كما يقال هذه الدار صورةُ فلانٌ البنَّاء، معناه: مصوره، فسمى الصورة باسم صورته.
قيل: هذا غلط، لأنه يُسقط فائدة التخصيص بآدم، لأنَّ جميع الخلق على مصور الرحمن.
فإن قيل: معنى قوله "على صورة الرحمن" أن أسجد له ملائكته، كما أسجدهم لنفسه قيل: لا يصح هذا من وجوه: أحدها أن في رواية ابن شاهين "فإن الله خلق وجه آدم على صورته".
الثاني: أن الصورة عبارة عما اختصت الذات، ولهذا قال تعالى ﴿وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾ والسجود له يرجع إلى المرتبة والرفعة فلا يوصف بالصورة، ولهذا يقال: رأيت الأمير في مرتبةٍ حسنة، إذا رآه وقد سجد له جنده، ويقول: رأيته في صورة حسنة، يريد بذلك معنى يرجع إلى ذاته في اللون والقد ونحوه.
الثالث: أن سجود الملائكة له يقتضي اختصاصه بمزية، وذلك لا يوجب المشاركة