قال : فاعلم أن صاحب " الجنة ليس فيه زلة ولا خطأ ترشدك إليه" الوجوه الآتية : الأول : أن أخذ السيوطي عن الحافظ ليس بالمستحيل ولا مستبعد ، أفلا تعلم أن سنة وفاة ابن حجر وسنة ولادة السيوطي لا تأباه ، فإنه يمكن على هذا أن يكون السيوطي ولد في أول سنة تسع وأربعين ، ومات ابن حجر في آخر اثنتين وخمسين فيكون سن السيوطي في زمان الحافظ نحوا من أربعة أعوام وهو سن يمكن فيه التمييز الذي هو مناط صحة الأخذ والتحمل بطريق السماع .
أما قرع سمعك أن علماء أصول الحديث صرحوا بأنه ليس لأول زمن يصح فيه السماع للصغير حد معين ، بل المعتبر التمييز ...الخ .
أقول أمور التاريخ ليست مما يجري فيها الاحتمال أو ليت ولعل فقد صرح السيوطي في " حسن المحاضرة" : أن وفاة ابن حجر في ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين ، وصرح هو أيضا فيه في ترجمة نفسه أن ولادته مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمئة ، فعلى هذا كان السيوطي حين وفاة ابن حجر ابن ثلاث سنين ونصف تقريبا ، وكون هذا السن سن التمييز المفيد للتحمل والسماع ، والأخذ مستبعد بلا شبهة ، وهو المراد بالاستحالة ، ووجود ذلك في بعض الأفراد على سبيل الندرة لا يدفع الاستبعاد والاستحالة العادية .
ثم قال الثاني : أن من أنواع التحمل والأخذ الإجازة ، وهي للطفل الذي لا يميز صحيحه عند كافة المحدثين .
والثالث : إن من أنواع التحمل الإجازة العامة ، وهي أيضا جائزة عند جم غفير من المحدثين ، وهي ممكنة في هذا المقام بلا مرية .
أقول : ذكر هذين الوجهين وتطويل الكلام لتأييدهما مما لا حاجة إليه ؛ فإني قد جوزتهما سابقا في " التعليقات السنية" .
Bogga 79