فلا يعزب عن المنصف اللبيب أن هذه العبارة نص على أن مؤدى كلام صاحب " الإتحاف" إنما هو أن ابن الهمام قد سلك في كثير من المواضع مسلك الإنصاف وفي بعضها آثر طريق التعصب والإعتساف وهو عين ما قال المعترض .
أقول : لا ينكر وجود التعصب في بعض المسائل والصلابة في بعض الدلائل من ابن الهمام كما لا يخفى على من طالع بحث سؤر الكلب وغيره ولإنصاف(1)في كثير من المواضع فإنه كثيرا ما يرجح ما وافق الأحاديث ، وإن خالفه الجمهور ويشير إلى قوة الخلاف ، والى ما هو المنصور ، وهذا لا يصحح إطلاق المتعصب والصلب الذي يؤدى مؤداه عليه ، فإن مثل هذا اللفظ انما يطلق على من كانت عادته ذلك ويخفى الحق كثيرا مع ظهور الحق فيما هنالك ، وإلا فالتعصب أحيانا أمر قل من خلى عنه ، ولا يطلق على من يسلك مسلك التعصب أحيانا أنه متعصب أو متعسف .
وهذا كما أن " منكر الحديث" لا يطلق في عرف المحدثين على كل من روى منكرا ، بل على من كان غالب رواياته منكرا ، إذا عرفت هذا علمت أن مفاد عبارة " الفوائد البهية" ليس إلا وجود التعصب منه في بعض المواضع ، وهذا لا يستلزم أن يطلق لفظ : الصلب او المتعصب عليه كما في " الإتحاف" ، فبين عبارتي " الإتحاف" ، والفوائد" بون بعيد .
ثم قال في " شفاء العي" : الثاني إنا لا نسلم أنه رغب في مسألة فضلا عن المسائل الكثيرة في المذهب الحنفي ، وأخذ بمقابلته بالحديث النبوي .
نعم ؛ إذا كانت في المسألة روايات في المذهب الحنفي ربما يرجح اقربها(2) بالحديث ، وأين هذا من الرد والمخالفة؟
Bogga 59