بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ربنا اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا أخبرنا الحافظ الإمام أبو محمد عبد المؤمن بن خلف بن أبي الحسن بن شرف بن الخضر بن موسى الدمياطي ﵀ سماعا عليه، قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي المعروف بابن المنير قراءة وأنا أسمع، عن الفضل بن سهل والحافظ محمد بن ناصر.
قال الفضل: عن الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ.
وقال ابن ناصر: أنا عبد الله بن احمد ابن السمرقندي وابو الحسن محمد بن محمد بن الحسين ابن الفراء قالا: أنا الخطيب.
وفات ابن السمرقندي من السنن الجزء السابع والعشرون، وليس هذا الحديث منه.
قال ابن ناصر أيضا: وقرأت على أبي غالب محمد بن الحسن بن علي البصري الماوردي، أنا أبو علي علي بن أحمد بن علي التستري.
قال الخطيب والتستري: أنا أبو عمر القاسم بن جعفر الهاشمي، أنا
1 / 25
أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، ثنا أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني رحمه الله تعالى قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، أنا حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم عن الأسود، عن عائشة ﵂: أن رسول الله ﷺ قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن المبتلى حتى يبرأ، وعن الصبي حتى يكبر) .
وبه إلى أبي داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي ظبيان، عن ابن عباس قال: أتي عمر بمجنونة قد زنت، فاستشار فيها أناسا، فأمر بها عمر أن ترجم، فمر بها علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فقال: ما شأن هذه؟ فقالوا: مجنونة بني فلان زنت، فأمر بها عمر أن ترجم، قال: فقال: ارجعوا بها. ثم أتاه فقال: يا أمير المؤمنين، أما علمت أن القلم قد رفع عن ثلاثة: عن المجنون حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يعقل. قال: بلى. قال: فما بال هذه ترجم؟ قال: لا شيء. قال: فأرسلها. قال: فأرسلها. قال: فجعل يكبر.
وبه إلى أبي داود: حدثنا يوسف بن موسى، ثنا وكيع، عن الأعمش نحوه، وقال أيضا: (حتى يعقل) . وقال: (عن المجنون حتى يفيق) . قال: فجعل عمر يكبر.
وبه إلى أبي داود قال: ثنا ابن السرح، أنا ابن وهب، قال: أخبرني جرير بن حازم، عن سليمان بن مهران، عن ابي ظبيان، عن ابن عباس قال: مر على علي بن أبي طالب ﵁ ... بمعنى حديث عثمان، قال: أو ما تذكر أن رسول الله ﷺ قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن
1 / 26
المجنون المغلوب على عقله، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم) . قال: صدقت. فخلى عنها.
وبه إلى أبي داود قال: (ثنا هناد، عن أبي الأحوص؛ ثنا جرير المعنى، عن عطاء بن السائب، عن أبي ظبيان، قال هناد الجنبي، قال: أتي عمر بامرأة قد فجرت فأمر برجمها، فمر على علي ﵁، فأخذها فخلى سبيلها، فأخبر عمر ﵁، فقال: ادعوا لي عليا. فجاء علي ﵁، فقال: يا أمير المؤمنين، لقد علمت أن رسو الله صلى الله عليه وسليم قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يبرأ)، وإن هذه معتوهة بني فلان، لعل الذي أتاها أتاها وهي في بلائها. قال: فقال عمر: لا أدري. فقال علي: وأنا لا أدري.
وبه إلى أبي داود: ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا وهيب، عن خالد، عن أبي الضحى، عن علي ﵁ عن النبي ﷺ قال: (رفع القلم عن ثلاثة: حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل) .
قال أبو داود: رواه ابن جريج، عن القاسم بن يزيد، عن علي ﵁ عن النبي ﷺ.
هذا آخر ما ذكره أبو داود.
1 / 27
فأما حديث عائشة ﵂ حديث متصل حسن ورجاله كلهم علماء؛ الأسود بن يزيد النخعي، وابن أخيه إبراهيم بن يزيد النخعي جبلان علما ودينا، متفق عليهما. وحماد بن أبي سليمان فقيه أهل الكوفة جليل وحديثه يدخل في الحسن. وحماد بن سلمة عالم كبير روى له الجماعة إلا البخاري، ويزيد بن هارون حافظ ثبت زاهد متعبد، متفق عليه، وعثمان بن أبي شيبة محدث حافظ ثقة وإن كان دون أخيه أبي بكر.
وقد رواه أيضا النسائي عن يعقوب بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن مهدي، عن حماد بن سلمة به ورواه ابن ماجه، عن أبي بكر، عن يزيد وعن محمد بن خالد بن خداش ومحمد بن يحيى الذهلي، عن ابن مهدي جميعا عن حماد به.
أخبرنا بحديث ابن ماجه أقضى القضاة أبو بكر محمد بن عبد العظيم الشافعي المعروف بابن السقطين بقراءتي عليه، عن العدل أبي بكر عبد العزيز بن أحمد عمر بن سالم بن باقا، أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي سماعا لجميع الكتاب خلا الجزء الأول والعاشر والسابع عشر - وهو الأخير - فإجازة وهذا الحديث من الجزء الثامن فهو سماع، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين بن أحمد بن الهيثم المقومي إجازة إن لم يكن سماعا، ثم ظهر سماعه بعد ذلك، أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب، حدثنا أبو الحسن على بن إبراهيم بن
1 / 28
سلمة بن بحر القطان، حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون. وحدثنا محمد بن خالد بن خداش ومحمد بن يحيى، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة: أن رسول الله ﷺ قال: (رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق) .
قال أبو بكر في حديثه: (وعن المبتلى حتى يبرأ) .
ورأيت في سؤالات ابن الجنيد: قال رجل ليحيى بن معين - وأنا أسمع -: حديث حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي ﷺ: (رفع القلم عن ثلاثة ...) هو عندك واه؟ فقال يحيى: ليس يروي هذا أحد إلا حماد بن سلمة عن حماد.
وأما حديث علي ﵁ فقد رواه من طرق، والطريق الأخيرة منها معلقة منقطعة، وقد رويناها متصلة إلى ابن جريج بالإسناد المتقدم قريبا إلى ابن ماجه قال: حدثنا محمد بن بشار، ثنا روح بن عبادة، ثنا ابن جريج، أخبرني القاسم بن يزيد، عن علي بن أبي طالب ﵇: أن رسول الله ﷺ قال: (يرفع القلم عن الصغير، وعن المجنون، وعن النائم) .
وهذا منقطع؛ لأن القاسم بن يزيد لم يدرك عليا.
وأما بقية الروايات فرواية ابن السرح رواها النسائي عنه كرواية
1 / 29
أبي داود، ورجالها رجال الصحيح، وهي متصلة، وقد صرح أبو ظبيان فيها بالرفع.
ورواية عثمان بن أبي شيبة الأولى صرح فيها بالاتصال دون الرفع، وكذا رواية يوسف بن موسى.
ورواية هناد وعثمان بن أبي شيبة الثانية صرح فيها بالرفع، ولكنها منقطعة بين أبي ظبيان وعلي، ولم يذكر فيها ابن عباس، وأن أبا ظبيان سمع عليا، فيحتمل أن يكون هذا الحديث مما سمعه من علي ومن ابن عباس عنه، ويحتمل - وهو الأقرب - أنه إنما سمعه من ابن عباس عنه، وتكون هذه الرواية منقطعة؛ لأن فيها القصة التي جرت عند عمر، ويبعد أن يكون أبو ظبيان أدرك عمر حتى يكون سمع من علي ذلك الوقت.
وأما رواية موسى بن إسماعيل فمنقطعة أيضا بين أبي الضحى وعلي؛ لأنا لا نحفظ لأبي الضحى رواية عن علي بغير واسطة.
فهذا هو الكلام على رواية هذا الحديث، بتخيل أنه حسن متصل كما قلناه، ووقف بعضهم له وقطع بعضهم لا يقدح في رواية رفعه ووصله.
وأما الكلام على متنه فمن وجوه:
1 / 30
الوجه الأول من الكلام في الحديث
أحدها: - وهو الذي حدانا على الكلام عليه - في قوله: (عن ثلاثة) قد سبق في جميع رواياته ثبوت الهاء فيه، وكذلك هو في النسائي والدارقطني، ويقع في بعض كتب الفقهاء: (ثلاث) بغير هاء، ولم أجد له أصلا، وبلغني عن بعض الفضلاء أنه سأل - كأن لم يطرق سمعه غير ذلك -: لم حذفت الهاء؟ وظن بعضهم أن ذلك لكون المعدود محذوفا كما في قوله ﷺ: (من صام رمضان وأتبعه بست من شوال) فحذفت الهاء، وإن كان المراد الأيام واليوم مذكر، لما حذفت ولم يضف العدد إليها في اللفظ.
ولما وصل السؤال إليَّ لم أرتض هذا الجواب، واكتفيت في دفع السؤال بتبيين لفظ الحديث، وأنه ثبت فيه التاء من جميع وجوهه، ولو كان كما ظن المجيب لكان الأفصح حذفها كما سنبينه، وليس كذلك، بل الذي ورد به
1 / 31
الحديث هو الصواب؛ وذلك لأن حذف التاء إنما جاء عند حذف المعدود المذكر إذا كان المعدود هو الأيام خاصة دون ما سواها من المذكر، كقوله تعالى (يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعشرًا)، وكقوله تعالى: (إِن لَبِثتُم إِلاّ يَومًا)، فليس المراد في الاثنين عشر ليال بل عشرة أيام، أو عشر ليال بأيامها، وغلب المؤنث على المذكر، وكقوله ﷺ: (بست من شوال)، ومثله ما حكاه الكسائي: (صمنا من الشهر خمسا)، والصوم إنما يكون في الأيام دون الليالي.
وقال الزمخشري في قوله تعالى: (وَعشرًا): وقيل: عشرا ذهابًا إلى الليالي والأيام داخلة معها، ولا تراهم قد يستعملون التذكير فيه ذابين إلى الأيام تقول: صمت عشرا، ولو ذكرت خرجت من كلامهم.
وهذا الذي قاله الزمخشري يوافقه ما قاله سيبويه؛ فإنه قال: (وتقول: سار خمس عشرة من بين يوم وليلة؛ لأنك ألقيت الاسم على الليالي ثم بينت فقلت: من بين يوم وليلة، ألا ترى أنك تقول: لخمس بقين أو خلون، ويعلم المخاطب أن الأيام قد دخلت في الليالي، فإذا ألقي الاسم على الليالي اكتفي بذلك عن ذكر الأيام، كما تقول: أتيته ضحوة وبكرة، فيعلم المخاطب أنه ضحوة يومك وبكرة يومك، واشابه هذا في الكلام كثير، فإنما قوله: من بين يوم وليلة، توكيد؛ لأنه قد علم أن الأيام فاضلة على الليالي.
1 / 32
وقال النابغة الجعدي:
فَطافَت ثَلاثًا بَينَ يَومٍ وَلَيلَة ... تَكونُ النَكيرانَ بِصيفِ وَتُجأَرا
قال ابن قتيبة: (يريد ثلاث أيام وثلاث ليال) .
ثم قال سيبويه: (وقد يجوز في القياس خمسة عشر من بين يوم وليلة، وليس يحد كلام العرب) .
هذا كلام سيبويه، وإنما قلت: إنه يوافق كلام الزمخشري؛ لأن من ثلاث عشرة إلى تسع عشرة مثل من الثلاث إلى العشر في حذف التاء من عدد المؤنث وإثباتها في عدد المذكر، وحذف المعدود من أحدهما كحذفه من الآخر، والمراد من الحذف أن لا يضاف إليه لفظا، وهو حاصل في مثال سيبويه، وقد نص على حذف التاء وقال: إن إثباتها قد يجوز في القياس، وليس يحد كلام العرب. فخرج من كلامه وجهان: الفصيح حذف التاء، وهو الذي قاله الزمخشري، وغير الفصيح إثباتها، وهو الذي قال الزمخشري: إنه خارج من كلامهم - أي المسموع - وهو موافق لكلام سيبويه أيضا.
وقال النووي في قوله ﷺ: (بست من شوال): إنما حذفت الهاء من ستة؛ لأن العرب إنما تلتزم الإتيان بالهاء في المذكر الذي هو دون أحد عشر إذا صرحت بلفظ المذكر، كقوله الله تعالى: (وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ)، فأما إذا لم يأتوا بلفظ المذكر فيجوز إثبات الهاء وحذفها، فتقول: صمنا ستا، ولبثنا عشرا، وتريد الأيام، ونقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب، ولا يتوقف فيه إلا جاهل غبي.
1 / 33
والظاهر أن مراده بما نقله الفراء وابن السكيت وغيرهما عن العرب - الحذف، كما حكاه الكسائي، وأما التصريح بالوجهين عن العرب فمخالف لكلام سيبويه والزمخشري، فينبغي أن يتوقف فيه؛ إذ ليس في كلامه تصريح بنقله، نعم: جواز الوجهين قد ثبت من كلام سيبويه كما سبق وإن كان أحدهما لي سيحد كلام العرب.
وطعن بعضهم في حكاية الكسائي، ولا يلتفت إلى هذا الطعن مع صحة الحديث بمثله، ومعاضدة الفراء وابن السكيت وغيرهما للكسائي، وكل منهم إمام، وتوجيهها: أنه لما ثبت جواز: سرت خمسا، وأنت تريد الأيام والليالي جميعا، كما سبق من كلام سيبويه، وكما دلت عليه الآية الكريمة، وما ذاك إلا لتغليب الليالي على الأيام، وجعل الأيام تابعة لليالي، أجري عليها هذا الحكم عند إرادة الأيام وحدها، كقولك: سرت خمسا، وأنت تريد الأيام. أو: صمت خمسا؛ إذ لا يمكن إرادة الليالي في الصوم، وصار اليوم كأنه مندرج تحت اسم الليلة وجزء منها فيدل عليه باسمها، سواء أريدت حقيقة ذلك الاسم من الليلة واليوم تابع لها، أم لم ترد واقتصر على إرادة ما يتبعها وهو اليوم.
ونقل أبو حيان أنه يقال: صمت خمسة، وأنه فصيح. وهذا إن صح لا يعارض قول سيبويه والزمخشري؛ لأنهما إنما قالا فيما يمكن إرادة الليالي والأيام جميعا، ولا شك أنه عند إراتهما تغلب الليالي فيضعف التذكير، وأما عند إرادة المذكر فقط فالتذكير وإثبات الهاء هو الأصل، والحذف ورد في الحديث وحكاه الكسائي، فالوجهان فيه فصيحان بخلاف القسم الأول؛ فإن الحذف فيه أفصح، هذا إن ثبت: صمنا خمسة، كما ادعاه أبو حيان، ولعله أخذه من ابن عصفور، فإن ثبت ذلك صريحا من كلام غيره وإلا فليتوقف فيه.
وقال شيخنا ابو محمد الدمياطي: سقوط الهاء في (ست من شوال) مع سقوط المعدود، أو ثبوت الهاء في (ستة) مع ثبوت الأيام هو المحفوظ
1 / 34
الفصيح، وورد في بعض الطرق المتقدمة للدراوردي وحفص بن غياث ثبوت الهاء في: (ستة من شوال) مع سقوط الأيام، وهو غريب غير صحيح ولا فصيح. انتهى ما قاله، وذكر ذلك في فضل إتباع رمضان بست من شوال، وجمع فيه طرق الحديث الوارد فيها، فرواه من نيف وستين طريقا ليس فيها ثبوت التاء مع سقوط المعدود إلا من الطريقين اللذين ذكرهما، وهو غلط من بعض الرواة الذين لا يتقنون لفظ الحديث.
وذكر الواحدي وغيره من المفسرين أن سقوط التاء من قوله تعالى: (يَتَرَبَّصنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَربَعَةَ أَشهُرٍ وَعَشرًا)، لتغليب الليالي على الأيام. انتهى.
هذا كله في الأيام والليالي، أما إذا كان المعدود مذكرا أو مؤنثا غيرها فلا وجه إلا مطابقة القاعدة الأصلية من إثبات التاء في المذكر وحذفها في المؤنث ذكرت المعدود أو حذفته، قال تعالى: (فَاستَشهِدُوا عَلَيهِنَّ أَربَعَةً مِنكُم)، وقال تعالى: (سَيَقولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُم كَلبُهُم وَيَقولُونَ خَمسَةٌ سادِسُهُم كَلبُهُم رَجمًا بِالغَيب وَيَقولُونَ سَبعَةٌ وَثامِنُهُم كَلبُهُم)، وقال تعالى: (ما يَكونُ مِ، ثَلاثَةٍ إِلاّ رابِعُهُم وَلا خَمسَةٍ إِلاّ هوَ سادِسُهُم)، وقال تعالى: (عَليها تِسعَةَ عَشَر)، وقال تعالى: (وَكُنتُم أَزواجًا ثَلاثَة)، فالمعدود في هذه الآيات كلها مذكر، وقد حذف في الآية الأولى والثانية والثالثة والرابعة وأتي به موصوفا في الخامسة، وثبتت التاء في
1 / 35
جميع ذلك، وكذلك قوله تعالى: (وَيَحمِلُ عَرشَ رَبِّكَ فَوقَهُم يَومَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)، والقول بجواز حذف التاء في مثل ذلك يحتاج إلى نقل، ولا يكاد يقدر عليه.
وأما قول ابن عصفور: (إن من الثلاثة إلى العشرة إذا استعملتها غير مضافة؛ إن أردت بها المعدود ولم ترد مجرد العدد ألحقت بها التاء، إن أوقعتها على المذكر، وإن أوقعتها على المؤنث لم تلحقها، ويجوز حذف التاء في الحالين، حكى الكسائي: صمنا من الشهر خمسا. والأول أفصح.
فقوله: يجوز حذف التاء في الحالين. فيه إطلاق لو أخذ به شمل الأيام وغيرها، واستشهاده بحكاية الكسائي يقتضي تقييد ذلك الإطلاق، فإن تمسك أحد بذلك الإطلاق وقال: يجوز حذف التاء في الحالين. فيه إطلاق لو أخذ به شمل الأيام وغيرها، واستشهاده بحكاية الكسائي يقتضي تقييد ذلك الإطلاق، فإن تمسك أحد بذلك الإطلاق وقال: يجوز حذف التاء من قولك: رأيت ثلاثا، وأنت تريد رجالا، (طولب) بنقل صريح من العرب، ولا أظنه يجده وما ذكرناه من الآيات يرد عليه إلا أن يدعي أن الآيات جاءت على الأفصح.
وبالجملة تلخص أن في غير الأيام نثبت التاء في المذكر حذفت المعدود أو أثبته، والقول بحذف التاء فيه إذا حذف المعدود لم يتحققه من العرب، ولا صرح به أحد من العلماء غير إطلاق ابن عصفور، وليس بصريح تبنى عليه قاعدة.
وقال الجوهري في باب (الثوب): (قولهم: الثوب سبع في ثمان، كان حقه أن يقال: في ثمانية؛ لأن الطول يذرع بالذراع وهي مؤنثة، والعرض يشبر بالشبر وهو مذكر، وإنما أنثه لما لم يأت بذكر الأشبار، وهذا كقولهم: صمنا من
1 / 36
الشهر خمسا، وإنما يراد بالصوم الأيام دون الليالي، ولو ذكرت الأيام لم تجد بدا من التذكير) . انتهى.
وهذا قد يؤخذ منه موافقة ابن عصفور، لكني أقول: التأنيث في ثمان يحتمل أن يكون لأجل ازدواجها مع سبع، كما قيل: الغدايا والعشايا، ونحو ذلك، وتعليل الجوهري بحذف المعدود ينبغي أن يجعل مع هذا المعنى علة وبمجموعهما يحسن التأنيث، وأما بمفرده فيتنازع فيه.
واعلم أن الجوهري وغيره من المصنفين في اللغة إذا نقلوا نقلا أخذناه مسلما مقبولا، وإذا تصرفوا وعللوا نظرنا في كلامهم كغيرهم من المصنفين في العلوم، والمقصود شاهد من لسان العرب على التأنيث إذا حذف المعدود في غير الأيام، ولم نجده في الأيام إذا أريدت الليالي معها وحذف المعدود حذفت التاء في الفصيح الذي جاء به، ولا يجوز خلاف ذلك إلا قياسا وليس بسماع، وإن أردت الأيام وحدها فيجوز الوجهان، والحديث وحكاية الكسائي وغيره يشهدان للحذف، فهذه ثلاث مراتب، ومن رام التسوية بين الأيام وغيرها وأخذ بكلام الزمخشري وأوجب حذف التاء إذا حذف المعدود المذكر غير الأيام رد عليه بالآيات التي ذكرناها، ومما يدل على الفرق بين الأيام وغيرها أن سيبويه مع تجويزه الأمرين في الأيام كما سبق قال: ويقال: أعطاه خمسة عشر من بين عبد وجارية لا يكون في هذا إلا هذا؛ لأن المتكلم لا يجوز له أن يقول: خمسة عشر عبدا، فيعلم أن ثم من الجواري بعدتهم، ولا خمس عشرة جارية، فيعلم أن ثم من العبيد بعدتهن، فلا يكون هذا إلا مختلطا يقع عليهم الاسم الذي بين به العدد. انتهى.
فقد نص في هذا الكلام على أنه لا بد من التاء في قوله: من بين عبد وجارية، مع قوله بالحذف في نظيرها لو قال: من بين يوم وليلة. وهذا نص في الفرق، وفرق من حيث المنى بأن الأيام تدخل في الليالي، وجنس العبيد
1 / 37
والجواري لا يدخل أحدهما في الآخر، يعني فلا يكون المعدود مؤنثا حتى تحذف التاء.
وذكر ابن مالك هذا الذي قاله وزاد عليه بحكم ما لا يعقل فقال: (تقول: عندي خمسة عشر عبدا وجارية، وخمسة عشر جارية وعبدا، فتجعل الحكم للمذكر قدمته أو أخرتهن وكذا تفعل أبدا بكل مركب من عدد من يعقل إذا ميز بمذكر ومؤنث، متصلا كان المميز كما هو في المثال المذكور، أو منفصلا ببين، كقولك: عندي خمسة عشر بين رجل وامرأة، وخمسة عشر بني امرأة ورجل. وتقول: نحرت خمسة عشر جملا وناقة في خمسة عشر يوما وليلة، فيجعل الحكم لسابقهما مذكرا كان أو مؤنثا، وكذا تفعل أبدا بكل مركب من عدد ما لا يعقل إذا اتصل مميزه والمميز مذكر ومؤنث، وتقول: عندي ست عشرة بين ناقة وجمل، واشتريت ست عشرة بين كبش ونعجة. فيجعل الحكم لمؤنثهما قدمته أو أخرته إذا انفصل المميز، وكان مما لا يعقل، والمراد في الحالين: أن نصف العدد المذكور ذكور ونصفه إناثس، وهكذا أبدا في غير الليالي والأيام، وأما فيهن والعدد المذكور ذكور ونصفه إناث، وهكذا أبدا في غير الليالي والأيام، وأما فيهن والعدد المذكور لليالي والأيام مثله، فإذا قلت: كتبت لعشرين يوم وليلة، فالمراد عشر ليال وعشرة أيام، هذا كله معنى كلام سيبويه، وتقول: عندي عشرة أعبد وجوار، أو: عشر جوار وأعبد.
فيجعل الحكم عند الإضافة للسابق من المميز؛ مذكرا كان أو مؤنثا، عاقلا كان أو غير عاقل، ولا يكون مميز هذا النوع أقل من ستة؛ لأنهما إذا كانا أقل من ستة كان أحدهما أقل من ثلاثة، والخمسة وأخواتها لا تضاف إلى أقل من ثلاثة، ولا فرق في ذلك بين أن يتصل المضاف غليه بالمضاف أو ينفصل بعاطف) . انتهى كلام ابن مالك.
فقد حكم في العدد بشيئين؛ لمذكرهما مطلقا إن وجد العقل، وإلا
1 / 38
فلسابقهما بشرط الاتصال، ولمؤنثهما إن فصلا ببين وعدم العقل، ولسابقهما في الإضافة مطلقا، فأما حكمه لمذكرهما مطلقا إن وجد العقل فهو موافق لما قلناه ومقتض؛ لأنه إذا قيل: رأيت ثلاثا من العقلاء، كانوا نسوة لا رجالا، وحكمه في غير العاقل لسابقهما بشرط الاتصال صحيح، وحكمه لمؤنثهما إن فصلا ببين وعدم العقل موافق لما قاله سيبويه في الأيام وزائد عليه بحكم غير العاقل في غير الأيام، وحكمه لسابقهما في الإضافة مطلقا يعني به: عشر أعبد وجوار، وعشر جوار وأعبد.
وقوله فيما قبل ذلك: (إنه كله معنى كلام سيبويه) رأيت بعضه فيه وبعضه لم أره، فلعله أخذه من مكان آخر من كلامه.
وقوله: (إن المراد في الأيام والليالي والأيام مثله) صحيح موافق لكلام سيبويه، وأنه إذا قال: خمس عشرة بين يوم وليلة فالمراد: خمسة عشر يوما وخمس عشرة ليلة، وليس المراد أن الخمسة عشر بعضها ليال وبعضها أيام، بل المراد ما قلناه، وكأن المقصود: خمس عشرة مدة، كل مدة يوم وليلة، وهذا مدلول الكلام.
واعلم أنه لولا نص سيبويه على ذلك لكان يمكن القول بأنه يحتمل أن يكون بعضها أياما وبعضها ليالي.
وقوله: أعني ابن مالك -: (إن المراد في غير الأيام والليالي أن نصف العدد ذكور ونصفه إناث) فيرد عليه قول سيبويه: خمسة عشر بين عبد وجارية ولا يمكن فيها التنصيف فلو قال: إن بعض العدد ذكور وبعضه إناث استقام، ويكون المراد بالبعض النصف أو دونه أو فوقه، سواء كان مجموع العدد يقبل التنصيف أم لا، ولا دلالة على التنصيف من هذا اللفظ.
وقوله: (ولا يكون مميز هذا النوع أقل من ستة) صحيح في المثال
1 / 39
الذي ذكره، وهو أن يكون المميز جمعا، فإذا قلت: ستة أعبد وجوار، اقتضى أن كلا من العددين جمع، وأقل الجمع ثلاثة، فالمجموع ستا، فلو قلت: خمسة أعبد وجوار، لم يصح، لأنه يقتضي حمل أحد الجمعين على اثنين، وهكذا إذا لم تأت به مضافا وفصلته ببين مجموعا، كقولك: ستة بين أعبد وجوار، فلو فصلته ببين وأتيت به مفردا، كقولك: أعطيته ستة بين عبد وجارية جاز، واطرد في الخمسة وما دونها، فإنك إذا قلت: أعطيته ثلاثا بين عبد وجارية كان المراد ثلاثا بعضها من جنس العبيد وبعضها من جنس الجواري، والجنس لا يشترط فيه الجمع.
وقوله: (فطافت ثلاثا بين يوم وليلة) ن لولا ما سبق أن الأيام تكون مثل الليالي في استيفاء العدد لكنا نقول: بعض الثلاث يوم وبعضها ليلتان، أو العكس، وفي غير الأيام والليالي لم يجب ذلك، فهو محتمل.
وقد أطلنا في استيفاء الكلام على كلام ابن مالك فلنرجع إلى غرضنا ونقول: إنه متى كان المعدود مذكرا وحذف؛ فإن كان من الأيام حذفت التاء فصيحا، وإن كان من غير الأيام وهو عاقل فلا تحذف التاء أصلا، فإن قلت: ما ذكرته من كلام سيبويه وغيره في خمسة عشر ونحوها خارج عن محل النزاع؛ لأنا إنما نتكلم عن الثلاث إلى العشر، والزائد من إحدى عشرة فما فوقه لم نتكلم فيه.
قلت: حكم الثلاث إلى العشر مطرد في ثلاث عشرة إلى تسع عشرة من غير فوق، قال سيبويه بعد ان بين حكم الثلاث إلى العشر: (فإذا زاد العدد واحدا على اثني عشر فإن الحرف الأول لا يتغير بناؤه عن حاله وبنائه، حيث لم يجاوز العدد ثلاثة والآخر بمنزلته حيث كان بعد أحد واثنين، وذلك قولك: له ثلاثة عشر عبدا، وكذلك ما بين هذا العدد إلى تسعة عشر، وإذا زاد العدد واحدا فوق ثنتي عشرة فالحروف الأولى بمنزلته حيث لم يجاوز
1 / 40
العدة ثلاثا، والآخر بمنزلته حيث كان بعد إحدى وثنتين، وذلك قولك: ثلاث عشرة جارية) . ومما يدل لما قلناه من الإتيان بالتاء إذا حذف المعدود المذكر أن سيبويه قال: ونقول: هذا خامس أربعة. وقال: خامس خمسة. إذا كن أربع نسوة فيهن رجل، وخامس أربع إذا أردت أنه صير أربع نسوة خمسة. انتهى.
ومن كلامهم أيضا: خمسة من الخمسين، وثلاثة من الكلاب، وقالوا في ثلاثة من البقر ونحوها وجهان؛ لأن فيه التذكير والتأنيث فيقال على لغة التذكير: ثلاثة من البقر، وعلى لغة التأنيث: ثلاث. وهذا من كلامهم نص في حكم أن التذكير والتأنيث مراعا وإن لم تضف العدد إلى المعدود، وبه ظهر أن الصواب ما ورد في الحديث من إثبات التاء في ثلاثة، وأنه لا يجوز حذفها غلا على ما أطلقه ابن عصفور، فإن صح ذلك الإطلاق فيكون الحديث فيه لغة ضعيفة لم يرد الحديث بها.
وقد تبين بهذا أن إطلاق من أطلق أنه متى حذف المعدود تحذف التاء ليس بصحيح، ومن كلام ابن مالك في شرح الكافية: تثبت تاء ثلاثة فما فوقها إلى عشرة إن كان واحد المعدود مذكرا، وتسقط إن كان مؤنثا، نحو: عندي من العبيد ثلاثة، ومن الإماء ثلاث. فنظر كيف مثل ما يجب التاء بقوله: عندي من العبيد ثلاثة، وهو عدد لم يضف إلى معدود.
وذكر أبو البقاء العكبري في (إعراب الحديث) له في حديث أنس ﵁: (يتبع الميت ثلاث؛ أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد) . قال: الوجه أن يقال: ثلاثة؛ لأنها مذكرات والأشبه أنه من تغيير الرواة، ويحتمل أن يكون الوجه فيه ثلاث علق والواحدة علقة؛ لأن كلا من
1 / 41
هذه المذكورات علقة، ثم إنه ذكر بعد ذلك حملا على اللفظ بعد أن حمل الأول على المعنى. انتهى كلامه.
فقد تحرر أن هذه الأقسام أربعة:
أحدها: أن يكون المعدود مذكرا عاقلا، فلم يسمع فيه عند عدم الإضافة إليه ثبوت التاء كحاله عند الإضافة، وما اقتضاه كلام ابن عصفور من ثبوت لغة فيه بحذف التاء عند عدم الإضافة بعيد، وهو لم يصرح به، ولا يجوز إثباته إلا بنقل صريح، واستعمال القرآن بخلافه.
الثاني: أن يكون المعدود أياما ولياليها جميعًا، فها هنا المسموع حذف التاء عند حذف المعدود كحاله عند الإضافة إلى الليالي والأيام تابعة، ويجوز على ما قاله سيبويه في خمسة عشر إثبات التاء.
الثالث: أن يكون المعدود الأيام مجردة عن الليالي، فيجوز حذف التاء فصيحا كما حكاه الكسائي، وصح به الحديث في ست من شوال، والظاهر أنه يجوز إثبات التاء أيضا، وبه صرح أبو حيان وقال: إنه فصيح. وكنت أشتهي لو نقله عن أحد أو أتى فيه بشاهد من لسان العرب، ولكنه أرسله، والظاهر أنه يتبع فيه ابن عصفور، كما نبهت عليه من قبل، وهو وإن كان القياس يحتاج إلى سماع من العرب، وقد يستشهد له بقوله تعالى: (وَسَبعَةٍ إِذا رَجَعتُم تِلكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ) .. فأثبت الهاء في هذين الموضعين، والمعدود الأيام وهي محذوفة، ولا يقال: إن تقدمها في الآية كذكرها مع العدد؛ لأن الأمثلة التي نذكرها وذكرناها من كلام سيبويه وغيره تقتضي أن المراد بالذكر إضافة العدد إليه، نعم! لا شك أن تقدم ذكر الأيام أوجب حسن إثبات التاء في الآية بخلاف ما لو لم يذكر بالكلية وهو المحل الذي نقله أبو حيان.
1 / 42
الرابع: أن يكون المعدود مذكرا غير عاقل من غير الأيام، فإن لم يعطف عليه مؤنث ولا عطف على مؤنث فحكمه حكم العاقل، فتدخل التاء، قال تعالى: (فَخُذ أَربَعَةً مِنَ الطّيرِ)، وإن عطف على غيره أو عطف غيره عليه، كقولك: عندي ست عشرة بين ناقة وجمل أو بين جمل وناقة. قال ابن مالك: فيجعل الحكم لمؤنثهما قدمته أو أخرته إذا انفصل المميز وكان مما لا يعقل. وهذا الحكم فيه نظر؛ لم غلب المؤنث ها هنا؟ ولعله بالقياس على الأيام لاشتراكهما في عدم العقل، وقد غلبت الليالي وهي مؤنثة على الأيام فكذلك هذا، ولنا أن نقول: الليالي إنما غلبت على الأيام لسبقها في التاريخ فأطلق على اليوم بليلته ليلة، ولا كذلك هنا، فليتوقف فيه أيضا.
وهذا البحث مما ينظر فيه وهو خارج عن غرضنا، وإنما ساق إليه التقسيم، وبعد أن كتبت ما كتبت في ذلك وقفت على كلام أبي يوسف يعقوب بن السكيت ﵀ في ذلك فوجدته شاهدا لما قلته، فإنه قال: ونقول: صمنا خمسا من الشهر، فيغلبون الليالي على الأيام إذا لم يذكروا الأيام، وإنما يقع الصيام على الأيام؛ لأن ليلة كل يوم قبله؛ فإذا أظهروا الأيام قالوا: صمنا خمسة أيام، وكذلك: أقمنا عنده عشرا وعشرة أيام، فإذا قالوا: أقمنا عنده عشرا بين يوم وليلة غلبوا التأنيث، وتقول: له خمس من الإبل وإن عينت أجمالا؛ لأن الإبل مؤنثة، وكذلك: له خمس من الغنم، وإن عينت أكبشا؛ لأن الغنم مؤنثة. انتهى ما قاله ابن السكيت.
وهو نص فيما قلته، ألا تراه كيف قال: فيغلبون الليالي على الأيام إذا لم يذكروا الأيام فدل على أن ذلك هو المستند في حذف التاء، وهذا المستند ليس في الرجال ونحوهم من المذكرين، وابن السكيت أحد من وقع الاعتماد
1 / 43
عليه في إطلاق هذا اللفظ محذوف التاء، فليكن يرجع إليه في تعليله ومعناه، وقد حمدت الله وشكرته لما وقعت على كلامه؛ إذ وفقني للصواب في هذه المسالة، وكنت مع كوني لم أقف على نقل مساعد أتعجب ممن يخالف في ذلك ويأخذ بإطلاق من أطلق، وممن تعجبت منه في ذلك شيخنا أبو حيان، بلغني عنه أنه قال: لا فرق بين الأيام وغيرها. فلما رأيت كلام ابن السكيت سررت بموافقته والحمدلله على ذلك؛ إذ أهلني للوقوع على الصواب.
1 / 44