139

Ibraahim Abu Anbiyaa

إبراهيم أبو الأنبياء

Noocyada

قال أتعبدون ما تنحتون * والله خلقكم وما تعملون . •••

وما علمناه اليوم من مقابلات الأديان أن التوحيد جاء بعد تعديد الأرباب وتمييز واحد منها، وأن أهل بابل خاصة كانوا يرون في قصة الخليقة أن الإله الأكبر خلق الأرباب كما خلق سائر الموجودات الأحياء وغير الأحياء، وتوحيد الإله على هذا النحو هو الذي يسمونه في العصر الحديث بالهينوثيزم

Henotheism ، ويطلقونه على طور خاص من أطوار التوحيد البدائي لم يكن لزاما أن يوجد في كل أمة.

وفي القرآن الكريم (الأنبياء: 58):

فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون .

وفيه: (الأنبياء: 62-63):

قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم * قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون .

أما عبادة الملوك في بابل القديمة، فنحن نعلم اليوم أنهم كانوا يعبدونهم ويزعمون أنهم هبطوا من السماء بعد الطوفان؛ لأننا قرأنا الآثار وكشفنا عن الأحافير، وادعاء الملوك أنهم آلهة يملكون زمام الحياة والموت وارد في القرآن الكريم: (البقرة: 258):

إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت . •••

هذه المطابقات نعلمها اليوم من الكشوف والأحافير، وسواء آمن العالم العصري بالقرآن أو لم يؤمن به، فالمسألة هنا هي مسألة التفرقة بين قرائن الثبوت وقرائن الشك في سيرة إبراهيم، فليس من قرائن الشك على كل حال أن تروى أخبار العبادة عن عصر إبراهيم على الوجه الذي حققته الكشوف الحديثة، وعلى خلاف القصص التي تخترع اختراعا بغير سند من الواقع؛ لأن الاختراع لا يجمع بين الحقائق المتفرقة من عبادات القوم، وهي عبادة الكواكب، وعبادة الأصنام، وعبادة الملوك وتعديد الأرباب مع تمييز واحد منها على الآخرين، وهي المرحلة البدائية في طبيعة التطور بين التعديد والتوحيد.

Bog aan la aqoon