Ibraahim Abu Anbiyaa
إبراهيم أبو الأنبياء
Noocyada
ولم يكن هذا هو الأثر الوحيد من آثار نظام المعابد في وادي النهرين، فقد بقيت عبادة الأسرة زمنا طويلا ممثلة في عبادة الأوثان التي تسمى بالطرافين، وكانوا يعتقدون أن حيازة الطرافين تحفظ لمن يحوزها حقوق الأسرة من الرئاسة إلى البركة والميراث، ولهذا أخذت راحيل الطرافين معها قبل الهجرة من حرانة، وظلوا يحتفظون بالطرافين بين ذخائر الأسرة المقدسة إلى ما بعد السبي كما يؤخذ من الإصحاح العاشر في سفر زكريا. (8) العالم الآخر
ولا يخلو دين أمة قديمة من الإيمان بعالم آخر غير عالم الأحياء؛ لأن الإيمان بالأرواح والأطياف شائع بين القبائل البدائية الأولى، وكلهم كانوا يعتقدون أن الإنسان يبقى بعد موته لأنهم يرونه في أحلامهم، ومن هنا جاءت عبادة الأسلاف.
ولكن الإيمان بالعالم الآخر نوعان: نوع ينظر إلى العالم الآخر كأنه جزء من هذا العالم المشهود، ينتقل إليه الميت للإقامة فيه، وأكثر الأمم القديمة يسميه الهاوية، ويجعله تحت الأرض بعيدا من النور.
ونوع ينظر إلى العالم الآخر ويؤمن بأنه عالم الحساب والجزاء والتفرقة بين الأبرار والأخيار، وأنه هو عالم الخلود والحياة الباقية بعد الحياة الفانية في هذه الدنيا.
وبين هاتين العقيدتين في العالم الآخر عقيدة متوسطة تجمع بين اعتقاد الهاوية واعتقاد الخلود، فالموتى جميعا يذهبون إلى الهاوية، ثم ينجو منهم في آخر الزمان من يدينون بالإله الحق، فيعودون إلى حياة كحياة الدنيا، ويتم قضاء الموت الأبدي على الآخرين.
وكانت الديانة البابلية من النوع الأول.
وكانت الديانة المصرية من النوع الثاني.
وكان العبريون يأخذون بجزء من هذه وجزء من تلك، ويدينون بالعودة إلى الدنيا في آخر الزمان، وأن غيرهم من الأمم لا يعودون.
وتراجع الصلوات البابلية اليوم فلا يرى فيها شيء يشير إلى النعيم في العالم الآخر، وإنما ينحصر الدعاء في طلب الخيرات الدنيوية، وطول العمر، والسلامة من الأمراض والأحزان.
وكانت طائفة من البابليين الأقدمين تعتقد أن الروح تلازم الجسد بعد الموت، فلا تزال عالقة به محيرة بين هذا العالم والعالم الآخر حتى يبلى رفاته ولا تبقى منه بقية تعلق بها؛ ولهذا كانوا يتركون الموتى للجوارح والوحوش تنهشهم وتبيدهم؛ لتستريح الأرواح من عذاب الحيرة بين الدنيا والآخرة. (9) التوحيد
Bog aan la aqoon