Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence
ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه
Daabacaha
دار الفكر العربي
وهو علام الغيوب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من سعادة ابن آدم استخارته الله، ورضاه بما يقسم الله له؛ ومن شقاوة ابن آدم ترك استخارته الله، وسخطه بما يقسم الله له.. والتاجر يكون مسافراً، فيخاف ضياع ماله، فيحتاج أن يقيم حتى يستوفيه، وما نحن فيه أمر يجل عن الوصف، ولا حول ولا قوة إلا بالله».
((والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته كثيراً، كثيراً، وعلى سائر من في البيت من الكبار والصغار، والأهل والأصحاب واحداً واحداً والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً)).
٦٩- هذا كتابه رضي الله عنه لأمه، وهو يفيض رفقاً وعطفاً، وقد بدت فيه آيات بلاغته، فهو يسهل في تعبيره ليكون مقبولاً مفهوماً؛ من غير أن ينزل عن مقامه العلمي في التفكير.
وقد استرعى نظرنا في هذا الكتاب عبارتان (إحداهما) قوله ((ولم نعزم الاستيطان شهراً واحداً)). فهذه العبارة تدل على أنه وإن كان قد اختار القرار في القاهرة بعد خروجه من السجن، لم يكن اختيار إقامة دائمة، بل كان على نية العودة إلى الشام وهو الوطن والأهل والأصحاب، والمكان الذي انبعثت منه دعوته وهدايته.
(الثانية) قوله: ((ثم أمور كبار تخاف الضرر الخاص والعام من إهمالها، فما هي هذه الأمور الكبار التي يخاف الضرر الخاص والعام من إهمالها؟ لا شك أن هذه الأمور هي أمور الدين، وبيانه للناس، ونشر حقائقه، كما جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، وكما فهمها في نظره السلف الصالح، الذين أدركوا التنزيل، وفهموا غايته ومعناه؛ هذه الأمور التي يضر إهمالها العام والخاص، أما ضرره العام فإنه ضلال الناس، وأما الضرر الخاص فهو تبعة العالم بأمر إذا لم يبينه للناس؛ ثم هناك ضرر خاص أن ابن تيمية جاء إلى مصر متهماً في دينه، فكان من حق نفسه أن يزيل الاتهام، ويخرج من مصر بريئاً في دينه غير متهم عند الخاصة وعند العامة.
64